تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٣ - الصفحة ٨٥
وقرأ عبد الله * (وصدق) * بتخفيف الدال * (المرسلون) * بالواو رفعا أي وصدق المرسلون في التبشير به وفي أنه يأتي آخرهم.
* (إنكم لذآئقو العذاب الاليم) *.
* (إنكم) * بما فعلتم من الإشراك وتكذيب الرسول عليه الصلاة والسلام والاستكبار * (لذائقوا العذاب الأليم) * والالتفات لإظهار كمال الغضب عليهم بمشافهتهم بهذا الوعيد وعدم الاكتراب بهم وهو اللائق بالمستكبرين. وقرأ أبو السماء. وأبان رواية عن عاصم * (لذائقوا العذاب) * بالنصب على أن حذف النون للتخفيف كما حذف التنوين لذلك في قول أبي الأسود: فالفيته غير مستعتب * ولا ذاكر الله إلا قليلا بجر ذاكر بلا تنوين ونصب الاسم الجليل. وهذا الحذف قليل في غير ما كان صلة لأل. أما فيما كان صلة لها فكثير الورود لاستطالة الصلة الداعية للتخفيف نحو قوله: الحافظو عورة العشيرة لا * يأتيهم من ورائهم نطف ونقل ابن عطية عن أبي السمال أنه قرأ * (لذائق) * بالأفراد والتنوين * (العذاب) * بالنصب، وخرج الأفراد على أن التقدير لجمع ذائق، وقيل: على تقدير إن جمعكم لذائق. وقرىء * (لذائقون) * بالنون * (العذاب) * بالنصب على الأصل.
* (وما تجزون إلا ما كنتم تعملون) *.
* (وما تجزون إلا ما كنتم تعملون) * أي الأجزاء ما كنتم تعملونه من السيآت أو إلا بما كنتم تعملونه منها.
* (إلا عباد الله المخلصين) *.
* (إلا عباد الله المخلصين) * استثناء منقطع من ضمير ذائقو وما بينهما اعتراض جيء به مسارعة إلى تحقيق الحق ببيان أن ذوقهم العذاب ليس إلا من جهتهم لا من جهة غيرهم أصلا فإلا مؤولة بلكن وما بعد كخبرها فيصير التقدير لكن عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق وفواكه الخ.
ويجوز إن يكون المعنى لكن عباد الله المخلصين ليسوا كذلك، وقيل: استثناء منقطع من ضمير * (تجزون) * على أن المعنى تجزون بمثل ما عملتم لكن عباد الله المخلصين يجزون أضعافا مضاعفة بالنسبة إلى ما عملوا، ولا يخفى بعده، وأبعد منه جعل الاستثناء من ذلك متصلا بتعميم الخطاب في * (تجزون) * لجميع المكلفين لما فيه مع احتياجه إلى التكلف الذي في سابقه من تفكيك الضمائر، و * (المخلصين) * صفة مدح حيث كانت الإضافة للتشريف.
* (أول‍ائك لهم رزق معلوم) *.
* (أولئك) * أي العباد المذكورون، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل.
وهو مبتدأ وقوله تعالى: * (لهم) * أما خبر له وقوله سبحانه: * (رزق) * مرتفع على الفاعلية للظرف وإما خبر مقدم و * (رزق) * مبتدأ مؤخر والجملة خبر المبتدأ والمجموع كالخبر للمستثنى المنقطع على ما أشرنا إليه أو استئناف لما أفاده الاستثناء إجمالا بيانا تفصيليا وقوله تعالى: * (معلوم) * أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع حسن المنظر لذيذ الطعم طيب الرائحة إلى غير ذلك من الصفات المرغوبة، فلا يقال إن الرزق لا يكون معلوما إلا إذا كان مقدرا بمقدار وقد جاء في آية أخرى * (يرزقون فيها بغير حساب) * (غافر: 40) وما لا يدخل تحت الحساب لا يحد ولا يقدر فلا يكون معلوما، وقيل المراد معلوم الوقت لقوله تعالى: * (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) * (مريم: 62) وعن قتادة الرزق المعلوم الجنة، وتعقب بأن * (في جنات) * بعد يأباه. واعترض بأنه إذا كان المعنى وهم مكرمون فيها لم يكن به بأس. وأجيب بأن جعلها مقر المرزوقين لا يلائم جعلها رزقا
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»