التنعم وأيضا للمأثور يأبى عنه غاية الإباء وهو كالنص في أن * (امتازوا) * فعل أمر ولا يكاد يخطر لقارىء ذلك.
* (ألم أعهد إليكم يابنىءادم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين) *.
* (ألم أعهد إليكم يا بني ءادم أن لا تعبدوا الشيطان) * من جملة ما يقال لهم بطريق لتقريع والإلزام والتبكيت بين الأمر والامتياز والأمر بمقاساة حر جهنم، والعهد الوصية والتقدم بأمر فيه خير ومنعة، والمراد به ههنا ما كان منه تعالى على ألسنة الرسل عليهم السلام من الأوامر والنواهي التي من جملتها قوله تعالى: * (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة) * (الأعراف: 27) الآية، وقوله تعالى: * (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) * (البقرة: 168) وغيرهما من الآيات الواردة في هذا المعنى، وقيل: هو الميثاق المأخوذ عليهم في عالم الذر إذ قال سبحانه لهم: * (ألست بربكم) * (الأعراف: 172) وقيل: هو ما نصب لهم من الحجج العقلية والسمعية الآمرة بعبادة الله تعالى الزاجرة عن عبادة غيره عز وجل فكأنه استعارة لإقامة البراهين والمراد بعبادة الشيطان طاعته فيما يوسوس به إليهم ويزينه لهم عبر عنها بالعباة لزيادة التحذير والتنفير عنها ولوقوعها في مقابلة عبادته عز وجل، وجوز أن يراد بها عبادة غير الله تعالى من الآلهة الباطل وإضافتها إلى الشيطان لأنه الآمر بها والمزين لها فالتجوز في النسبة، وقرأ طلحة. والهذيل بن شرحبيل الكوفي * (إعهد) * بكسر الهمزة قاله " صاحب اللوامح " وقال هي لغة تميم، وهذا الكسر في النون والتاء أكثر من بين أحرف المضارعة؛ وقال ابن عطية قرأ الهذيل وابن وثاب * (ألم إعهد) * بكسر الميم والهمزة وفتح الهاء وهي من كسر حرف المضارعة سوى الياء، وروى عن ابن وثاب * (ألم أعهد) * بكسر الهاء ويقال عهد وعهد اه. ولعله أراد أن كسر الميم يدل على كسر الهمزة لأن حركة الميم هي الحركة التي نقلت إليها الهمزة وحذفت الهمزة بعد نقل حركتها لا إن الميم مكسروة والهمزة بعدها مكسورة أيضا فتلفظ بها، وقال الزمخشري: قرىء * (إعهد) * بكسر الهمزة وباب فعل كله يجوز في حروف مضارعته الكسر إلا في الياء و * (أعهد) * بكسر الهاء وقد جوز الزجاج أن يكون من باب نعم ينعم وضرب يضرب و * (احهد) * بإبدال العين وحدها حاء مهملة و * (احد) * بإبدالها مع إبدال الهاء وإدغامها وهي لغة تميم ومنه قولهم دحا محا أي دعها معها وما ذكره من قوله: إلا في الياء مبني على بعض اللغات وعن بعض كلب أنهم يكسرون الياء أيضا فيقولون يعلم مثلا وقوله في أحد وأحد لغة بني تميم هو المشهور، وقيل: أحهد لغة هذيل وأحد لغة بني تميم وقولهم دحا محا إما يريدوا به دع هذه القربة مع هذه المرأة أو دع هذه المرأة مع هذه القربة * (إنه لكم عدو مبين) * أي ظاهر العداوة وهو تعليل لوجوب الانتهاب، وقيل: تعليل للنهي وعداوة اللعين جاءت من قبل عداوته لآدم عليه السلام والنداء بوصف النبوة لآدم كالتمهيد لهذا التعليل والتأكيد لعدم جريهم على مقتضى العلم فهم والمنكرون سواء.
* (وأن اعبدونى هاذا صراط مستقيم) *.
* (وأن اعبدوني) * عطف على * (أن لا تعبدوا الشيطان) * (يس: 60) على أن * (أن) * فيها مفسرة للعهد الذي فيه معنى القول دون حروفه أو مصدرية حذف عنها الجار أي ألم اعهد إليكم في ترك عبادة الشيطان وفي عبادتي وتقديم النهي على الأمر لما أن حق التخلية التقدم على التحلية قيل: وليتصل به قوله تعالى: * (هاذا صراط مستقيم) * بناء على أن الإشارة إلى عبادته تعالى لأنه المعروف في الصراط المستقيم، وجعل بعضهم الإشارة إلى ما عهد إليهم من ترك عبادة الشيطان وفعل عبادة الله عز وجل.
ورجح بأن عبادته تعالى إذا لم تنفرد عن عبادة غيره سبحانه لا تسمى صراطا مستقيما فتأمل والجملة استئنافية جيء بها لبيان المقتضى للعهد بعبادته تعالى أو للعهد بشقيه والتنكير للمبالغة والتعظيم أي هذا صراط بليغ