يلقى السيوف بوجهه وبنحره * ويقيم هامته مقام المغفر وجوز أن يكون الوجه بمعنى الجملة والمبالغة عليه دون المبالغة فيما قبله. وقيل: الاتقاء بالوجه كناية عن عدم ما يتقي به إذ الاتقاء بالوجه لا وجه له لأنه مما لا يتقي به، ولا يخلو عن خدش، وإضافة سوء إلى العذاب من إضافة الصفة إلى الموصوف و * (يوم القيامة) * معمول يتقي كما أشرنا إلى ذلك. وجوز أن يكون من تتمة سوء العذاب، والمعنى أفمن يتقي عذاب يوم القيامة كالمصر على كفره، وهو وجه حسن والوجه حينئذ كما في الوجه السابق إما الجملة مبالغة في تقواه وإما على الحقيقة تصويرا لكمال تقواه وجده فيها وهو أبلغ. والمتبادر إلى الذهن المعنى السابق، والآية قيل نزلت في أبي جهل * (وقيل للظالمين) * عطف على يتقي أي ويقال لهم من جهة خزنة النار، وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق والتفرر؛ وقيل الواو للحال والجملة حال من ضمير * (يتقي) * بإضمار قد أو بدونه، ووضع المظهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بالظلم والإشعار بعلة الأمر في قوله تعالى: * (ذوقوا ما كنتم تكسبون) * أي وبال ما كنتم تكسبون في الدنيا على الدوام من الكفر والمعاصي.
* (كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) *.
* (كذب الذين من قبلهم) * استئناف مسوق لبيان ما أصاب بعض الكفرة من العذاب الدنيوي إثر بيان ما يصيب الكل من العذاب الأخروي أي كذب الذين من قبلهم من الأمم السالفة * (فأتاهم العذاب) * المقدر لكل أمة منهم * (من حيث لا يشعرون) * من الجهة التي لا يحتسبون ولا يخطر ببالهم إتيانه منها لأن ذلك أشد على النفس.
* (فأذاقهم الله الخزى فى الحيواة الدنيا ولعذاب الاخرة أكبر لو كانوا يعلمون) *.
* (فأذاقهم الله الخزي) * أي الذل والصغار * (في الحياة الدنيا) * كالمسخ والخسف والقتل والسبي والإجلاء وغير ذلك من فنون النكال، والفاء تفسيرية مثلها في قوله تعالى: * (فاستجبنا له فنجيناه) * * (ولعذاب الآخرة) * المعد لهم * (أكبر) * لشدته وسرمديته * (لو كانوا يعلمون) * أي لو كانوا من شأنهم أن يعلموا شيئا لعلموا ذلك واعتبروا به.
* (ولقد ضربنا للناس فى هاذا القرءان من كل مثل لعلهم يتذكرون) *.
* (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن) * العظيم الشأن * (من كل مثل) * يحتاج إليه الناظر في أمور دينه * (لعلهم يتذكرون) * أي كي يتذكروا ويتعظوا أو مرجوا تذكرهم واتعاظهم، والرجاء بالنسبة إلى غيره تعالى والتعليل أظهر.
* (قرءانا عربيا غير ذى عوج لعلهم يتقون) *.
* (قرآنا عربيا) * حال من هذا والاعتماد فيها على السفة أعني عربيا وإلا فقرآنا جامدا لا يصلح للحالية وهو أيضا عين ذي الحال فلا يظهر حاله فالحال في الحقيقة * (عربيا) * وقررنا للتمهيد ونظيره جاء زيد رجلا صالحا، قيل وذلك بمنزلة عربيا محققا.
وجوز أن يكون منصوبا بمقدر تقديره أعني أو أخص أو أمدح ونحوه، وأن يكون مفعول * (يتذكرون) * وهو كما ترى * (غير ذي عوج) * لا اختلال فيه بوجه من الوجوه وهو أبلغ من مستقيم لأن عوجا نكرة وقعت في سياق النفي لما في غير من معناه، والاستقامة يجوز أن تكون من وجه دون وجه ونفي مصاحبة العوج عنه يقتضي نفي اتصافه به بالطريق الأولى فهو أبلغ من غير معوج، والعوج بالكسر يقال فيما يدرك بفكر وبصيرة والعوج بالفتح يقال فيما يدرك بالحس، وعبر بالأول ليدل على أنه بلغ إلى حد لا يدرك العقل فيه عوجا فضلا عن الحسن، وتمام الكلام مر في الكهف. وقيل المراد بالعوج الشك واللبس، وروى ذلك عن مجاهد وأنشدوا قول الشاعر: