نزل بالماء فهو كفر والقائل كافر حلال دمه إن لم يتب كما نص عليه الشافعي وغيره، وفي " الروضة " من اعتقد أن النوء يمطر حقيقة كفر وصار مرتدا وإن أراد به أن النوء سبب ينزل الله تعالى به الماء حسبما علم وقدر فهو ليس بكفر بل مباح لكن قال ابن عبد البر: هو وإن كان مباحا كفر بنعمة الله تعالى وجهل بلطيف حكمته.
وفي " الصحيحين " عن زيد بن خالد الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إثر سماء: " هل تدرون ما قال ربكم؟ قالوا: الله تعالى ورسوله أعلم قال: قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأما من قال مطرنا بفضل الله تعالى ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب " وظاهره أن الكفر مقابل الإيمان فيحمل على ما إذا أراد القائل ما سمعت أولا والله تعالى الحافظ من كل سوء لا رب غيره ولا يرجى الأخيرة.
والقمر في العرف العام هو الكوكب المعروف في جميع ليالي الشهر، والمشهور عند اللغويين أنه بعد الاجتماع مع الشمس ومفارقته إياها لا يسمى قمرا إلا من ثلاث ليال وست وعشرين ليلة وفيما عدا ذلك يسمى هلالا ولعل الأظهر في الآية حمله على المعنى الأول وهو الشائع إذا ذكر مع الشمس أي قدرنا هذا الجرم المعروف منازل ومسافات مخصوصة فسار فيها ونزلها منزلة منزلة * (حتى عاد) * أي صار في أواخر سيره وقربه من الشمس في رأي العين * (ك العرجون) * هو عود عزق النخلة من بين الشمراخ إلى منبته منها وروي ذلك عن الحسن وقتادة، وعن ابن عباس أنه أصل العذق، وقيل الشمراخ وهو ما عليه البسر من عيدان العذق والكباسة، والمشهور الأول، ونونه على ما حكى عن الزجاج زائدة فوزنه فعلون من الانعراج وهو الاعوجاج والانعطاف، وذهب قوم واختاره الراغب. والسمين. وصاحب " القاموس " إلى أنها أصلية فوزنه فعلول، وقرأ سليمان التيمي * (كالعرجون) * بكسر العين وسكون الراء وفتح الجيم وهي لغة فيه كالبزيون والبزيون وهو بساط رومي أو السندس.
* (القديم) * أي العتيق الذي مر عليه زمان يبس فيه ووجه الشبه الإصفرار والدقة والاعوجاج، وقيل: أقل مدة القدم حول فلو قال رجل كل مملوك لي قديم فهو حر عتق منهم من مضى له حول وأكثر، وقيل: ستة أشهر وحكاه بعض الإمامية عن أبي الحسن الرضا رضي الله تعالى عنه.
* (لا الشمس ينبغى لهآ أن تدرك القمر ولا اليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون) *.
* (لا الشمس ينبغي لها) * أي يتسخر ويتسهل كما في قولك النار ينبغي أن تحرق الثوب أو يحسن ويليق أي حكمة كما في قولك الملك ينبغي أن يكرم العالم، واختار غير واحد المعنى الأول، وأصل * (ينبغي) * مطاوع بغي بمعنى طلب وما طاوع وقبل الفعل فقد تسخر وتسهل، والنفي راجع في الحقيقة إلى * (ينبغي) * فكأنه قيل: لا يتسهل للشمس ولا يتسخر * (أن تدرك القمر) * أي في سلطانه بأن تجتمع معه في الوقت الذي حده الله تعالى له وجعله مظهرا لسلطانه فإنه عز وجل جعل لتدبير هذا العالم بمقتضى الحكمة لكل من النيرين الشمس والقمر حدا محدودا ووقتا معينا يظهر فيه سلطانه فلا يدخل أحدهما في سلطان الآخر بل يتعاقبان إلى أن يأتي أمر الله عز وجل، وهذه الجملة لنفى أن تدرك الشمس القمر فيما جعل له وقوله تعالى: * (ولا الليل سابق النهار) * لنفى أن يدرك القمر الشمس فيما جعل لها أي ولا آية الليل سابقة آية النهار وظاهر سلطانها في وقت ظهور سلطانها وإلى هذا المعنى يشير كلام قتادة. والضحاك. وعكرمة. وأبي صالح. واختاره الزمخشري ليناسب قوله تعالى: * (لا الشمس ينبغي لها) * ولأن الكلام في الآيتين دل عليه قوله تعالى: * (والشمس تجري) * الآيتان وآخرا * (كل في فلك يسبحون) * وعبر بالإدراك أولا وبالسبق ثانيا على ما في " الكشاف " لمناسبة