الجسم المشاهد ثم الجمع بين الحديث في الشمس وبين ما يقتضيه الحس وكلام أهل الهيئة بهذا الوجه لم أره لأحد بيد أني رأيت في بعض مؤلفات عصرينا الرشتي رئيس الطائفة الإمامية الكشفية أن سجدة الشمس عند غروبها تحت العرش عبارة عن رفع الآنية ونزع جلباب الماهية وهو عندي نوع من الرطانة لا يفهمه من لا خبرة له باصطلاحاته ولو كان ذا فطانة: وقال في موضع آخر بعد أن ذكر حديث الكلاليب السابق إن ذلك لا ينافي كلام أهل الهيئة ولا بقدر سم الخياط ولم يبين وجه عدم المنافاة مع أنها أظهر من الشمس معتذرا بأن الكلام فيه طويل ولا أظنه لو كان آتيا به إلا من ذل القبيل، وهذا ما عندي فليتأمل والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
وقرأ عبد الله. وابن عباس. وزين العابدين. وابنه الباقر. وعكرمة. وعطاء بن أبي رباح * (لا مستقر لها) * بلا نافية للجنس وبناء * (مستقر) * على الفتح فتقتضي انتفاء كل مستقر حقيقي لجرمها المشاهد وذلك في الدنيا أي هي تجري في الدنيا دائما لا تستقر. وقرأ ابن أبي عبلة بلا أيضا إلا أنه رفع * (مستقر) * ونونه على إعمالها إعمال ليس كما في قوله:
تعز فلا شيء على الأرض باقيا * ولا وزر مما قضى الله واقيا * (ذالك) * إشارة إلى الجري المفهوم من * (تجري) * أي ذلك الجري البديع الشأن المنطوي على الحكم الرائقة التي تحار في فهمها العقول والأذهان * (تقدير العزيز) * الغالب بقدرتها على كل مقدور * (العليم) * المحيط علمه بكل معلوم، وذكر بعضهم في حكمة جريها حتى تسجد كل ليلة تحت العرش ما يقتضيه الخبر السابق تجدد اكتساب النور من العرش ويترتب عليه في عال الطبيعة والعناصر ما يترتب وباكتسابها النور من العرش صرح به غير واحد، ومن العجيب ما ذكره الرشتي أنها تستمد النور من ظاهر العرش وتمد فلك القمر ومن باطن العرش وتمد فلك زحل وتستمد من ظاهر الكرسي وتمد فلك عطارد ومن باطنه وتمد فلك المشتري وتستمد من ظاهر تقاطع نقطتي المنطقتين وتمد فلك الزهرة ومن باطنه وتمد فلك المريخ، وليت شعري من أين استمد فقال ما قال وذلك مما لم نجد فيه نقلا ولا نظن أنه مر بخيال، وقال الشيخ الأكبر: قدس سره إن نور الشمس ما هو من حيث عينها بل هو من تجل دائم لها من اسمه تعالى النور ونور سائر السيارات من نورها وهو في الحقيقة من تجلي اسمه سبحانه النور فما ثم إلا نوره عز وجل.
وادعى كثير من أجلة المحققين أن نور جميع الكواكب ثوابتها وسياراتها مستفاد من ضوء الشمس وهو مفاض عليها من الفياض المطلق جل جلاله وعم نواله. وفي الآية رد على القائلين بأن الشمس ساكنة وهي مركز العالم والكواكب والأرض كرات دائرة عليها.
* (والقمر قدرناه منازل حتى عاد ك العرجون القديم) *.
* (والقمر قدرناه) * أي صيرنا مسيره أي محله الذي يسير فيه * (منازل) * فقدر بمعنى صير الناصب لمفعولين والكلام على حذف مضاف والمضاف المحذوف مفعوله الأول و * (منازل) * مفعوله الثاني. واختار أبو حيان تقدير مصدر مضاف وقدر متعد إلى واحد و * (منازل) * منصوب على الظرفية أي قدرنا سيره في مناز وقدر بعضهم نورا أي قدرنا نوره في منازل فيزيد مقدار النور كل يوم في المنازل الاجتماعية وينقص في المنازل الاستقبالية لما أن نوره مستفاد من ضوء الشمس لاختلاف تشكلاته