تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ٣٢
تعالىعليه وسلم بقوله: " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي " اه‍ فلا تغفل، وعلى جواز الإطلاق قالوا: إن قوله تعالى: * (ولكن رسول الله) * استدراك من نفي كونه عليه الصلاة والسلام أبا أحد من رجالهم على وجه يقتضي حرمة المصاهرة ونحوها إلى إثبات كونه صلى الله عليه وسلم أبا لكل واحد من الأمة فيما يرجع إلى وجوب التوقير والتعظيم له صلى الله عليه وسلم ووجوب الشفقة والنصيحة لهم عليه الصلاة والسلام فإن كان رسول أب لأمته فيما يرجع إلى ذلك، وحاصله أنه استدراك من نفي الأبوة الحقيقية الشرعية التي يترتب عليها حرمة المصاهرة ونحوها إلى إثبات الأبوة المجازية اللغوية التي هي من شأن الرسول عليه الصلاة والسلام وتقتضي التوقير من جانبهم والشفقة من جانبه صلى الله عليه وسلم وقيل في توجيه الاستدراك أيضا إنه لما نفيت أبوته صلى الله عليه وسلم لأحد من رجالهم مع اشتهار أن كل رسول أب لأمته ولذا قيل: إن لوطا عليه السلام عنى بقوله: * (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) * (هود: 78) المؤمنات من أمته يتوهم نفي رسالته صلى الله عليه وسلم بناء على توهم التلازم بين الأبوة والرسالة فاستدرك بإثبات الرسالة تنبيها على أن الأبوة المنفية شيء والمثبتة للرسول شيء آخر، وأما قوله سبحانه: * (وخاتم النبيين) * فقد قيل إنه جيء به ليشير إلى كمال نصحه وشفقته صلى الله عليه وسلم فيفيد أن أبوته عليه الصلاة والسلام للأمة المشار إليها بقوله تعالى: * (ولكن رسول الله) * أبوة كاملة فوق أبوة سائر الرسول عليهم السلام لأممهم وذلك لأن الرسول الذي يكون بعده رسول ربما لا يبلغ في الشفقة غايتها وفي النصيحة نهايتها اتكالا على من يأتي بعده كالوالد الحقيقي إذا علم أن لولده بعده من يقوم مقامه، وقيل: إنه جيء به للإشارة إلى امتداد تلك الأبوة المشار إليها بما قبل إلى يوم القيامة فكأنه قيل: * (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) * بحيث تثبت بينه وبينه حرمة المصاهرة ولكن كان أبا كل واحد منكم وأبا أبنائكم وأبناء أبنائكم وهكذا إلى يوم القيامة بحيث يجب له عليكم وعلى من تناسل منكم احترامه وتوقيره ويجب عليه لكم ولمن تناسل منكم الشفقة والنصح الكامل، وقيل: إنه جيء به لدفع ما يتوهم من قوله تعالى: * (من رجالكم) * من أنه صلى الله عليه وسلم يكون أبا أحد من رجاله الذين ولدوا منه عليه الصلاة والسلام بأن يولد له ذكر فيعيش حتى يبلغ مبلغ الرجال وذلك لأن كونه عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين يدل على أنه لا يعيش له ولد ذكر حتى يبلغ لأنه لو بلغ لكان منصبه أن يكون نبيا فلا يكون هو صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ويراد بالأب عليه الأب الصلب لئلا يعترض بالحسنين رضي الله تعالى عنهما، ودليل الشرطية ما رواه إبراهيم السدي عن أنس قال: كان إبراهيم - يعني ابن النبي صلى الله عليه وسلم - قد ملأ المهد ولو بقي لكان نبيا لكن لم يبق لأن نبيكم آخر الأنبياء عليهم السلام، وجاء نحوه في روايات أخر أخرج البخاري من طريق محمد بن بشر عن إسماعيل بن أبي خالد قال قلت لعبد الله بن أبي أو رأيت ابراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مات صغيرا ولو قضى بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي عاش ابنه إبراهيم ولكن لا نبي بعده.
وأخرج أحمد عن وكيع عن إسماعيل سمعت ابن أبي أوفى يقول: لو كان بعد النبي نبي ما مات ابنه.
وأخرج ابن ماجه وغيره من حديث ابن عباس لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»