تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ١١٤
يجوز إبدال الجملة من المفرد، وجوز أبو حيان الاستئناف وليس بذاك.
وقرأ ابن عباس. والحسن. وقتادة. وابن أبي إسحق * (أوبي) * بضم الهمزة وسكون الواو أمر من الأوب وهو الرجوع وفرق بينهما الراغب بأن الأوب لا يقال إلا في الحيوان الذي له إرادة والرجوع يقال فيه وفي غيره.
والمعنى على هذه القراءة عند الجمهور ارجعي معه في التسبيح وأمر الجبال كامر الواحدة المؤنثة لأن جمع ما لا يعقل يجوز فيه ذلك، ومنه يا خيل الله اركبي وكذا * (مآرب أخرى) * (طه: 18) وقد جاء ذلك في جمع من يعقل من المؤنث قال الشاعر: تركنا الخيل والنعم المفدي * وقلنا للنساء بها أقيمي لكن هذا قليل * (والطير) * بالنصب وهو عند أبي عمرو بن العلاء باضمار فعل تقديره وسخرنا له الطير وحكى أبو عبيدة عنه أن ذاك بالعطف على * (فضلا) * ولا حاجة إلى الإضمار لأن إيتاءها إياه عليه السلام تسخيرها له، وذكر الطيبي أن ذلك كقوله: علفتها تبنا وماء باردا وقال الكسائي: بالعطف أيضا إلا أنه قدر مضافا أي وتسبيح الطير ولا يحتاج إليه، وقال سيبويه: الطير معطوف على محل * (جبال) * نحو قوله:
ألا يا زيد والضحاك سيرا بنصب الضحاك، ومنعه بعض النحويين للزوم دخول يا علي المنادى المعرف بأل.
والمجيز يقول: رب شيء يجوز تبعا ولا يجوز استقلالا، وقال الزجاج: هو منصوب على أنه مفعول معه. وتعقبه أبو حيان بأنه لا يجوز لأن قبله * (معه) * ولا يقتضي اثنين من المفعول معه إلا على البدل أو العطف فكما لا يجوز جاء زيد مع عمرو مع زينب إلا بالعطف كذلك هذا، وقال الخفاجي: لا يأباه * (معه) * سواء تعلق بأوبى على أنه ظرف لغو أو جعل حالا لأنهما معمولان متغايران إذ الظرف والحال غير المفعول معه وكل منها باب على حده وإنما الموهم لذلك لفظ المعية فما اعترض به أبو حيان غير متوجه وإن ظن كذلك، وأقبح من الذنب الاعتذار حيث أجيب بأنه يجوز أن يقال حذفت واو العطف من قوله تعالى: * (والطير) * استثقالا لاجتماع الواوين أو اعتبر تعلق الثاني بعد تعلق الأول.
وقرأ السلمي. وابن هرمز. وأبو يحيى. وأبو نوفل. ويعقوب. وابن أبي عبلة. وجماعة من أهل المدينة. وعاصم في رواية * (والطير) * بالرفع وخرج على أنه معطوف على * (جبال) * باعتبار لفظه وحركته لعروضها تشبه حركة الاعراب ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، وقيل معطوف على الضمير المستتر في * ( أوبى) * وسوغ ذلك الفصل بالظرف، وقيل: هو بتقدير ولتؤوب الطير نظير ما قيل في قوله تعالى: * (اسكن أنت وزوجك الجنة) * (البقرة: 35).
وقيل: هو مرفوع بالابتداء والخبر محذوف أي والطير تؤوب * (وألنا له الحديد) * وجعلناه في يده كالشمع والعجين ينصرفه كما يشاء من غير نار ولا ضرب مطرقة قاله السدى. وغيره، وقيل: جعلناه بالنسبة إلى قوته التي آتيناها إياه لينا كالشمع بالنسبة إلى قوى سائر البشر * (أن اعمل س‍ابغ‍ات وقدر فى السرد واعملوا ص‍الحا إنى بما تعملون بصير) *.
* (أن اعمل س‍ابغ‍ات) * * (أن) * مصدرية وهي على إسقاط حرف الجر أي ألنا له الحديد لعمل سابغات أو وأمرناه بعمل سابغات، والأول أولى، وأجاز الحوفي وغيره أن تكون مفسرة ولما كان شرط المفسرة أن يتقدمها معنى القول دون حروفه وألنا ليس فيه ذلك قدر بعضهم قبلها فعلا محذوفا فيه معنى القول ليصح كونها مفسرة أي وأمرناه أن أعمل أي أي اعمل، وأورد عليه أن حذف المفسر لم يعهد، والسابغات الدروع وأصله صفة من السبوغ وهو التمام والكمال فغلب على الدروع
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»