تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ١٨١
ينقص من خمسة دراهم لأن أقل المهر عشرة دراهم فلا ينقص من نصفها كذا في " الكشاف "، وتمام الكلام في الفروع، والفعل مجزوم على أنه جواب الأمر وكذا قوله تعالى: * (وأسرحكن) * وجوز أن يكون الجزم على أنه جواب الشرط ويكون * (فتعالين) * اعتراضا بين الشرط وجزائه، والجملة الاعتراضية قد تقترن بالفاء كما في قوله:
واعلم فعلم المرء ينفعه * أن سوف يأتي كل ما قدرا وقرأ حميد الخراز * (أمتعكن وأسرحكن) * بالرفع على الاستئناف، وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهما * (أمتعكن) * بالتخفيف من أمتع، والتسريح في الأصل مطلق الإرسال ثم كني به عن الطلاق أي وأطلقكن * (سراحا) * أي طلاقا * (جميلا) * أي ذا حسن كثير بأن يكون سنيا لا ضرار فيه كما في الطلاق البدعي المعروف عند الفقهاء. وفي " مجمع البيان " تفسير السراح الجميل بالطلاق الخالي عن الخصومة والمشاجرة، وكان الظاهر تأخير التمتيع عن التسريح لما أنه مسبب عنه إلا أنه قدم عليه إيناسا لهن وقطعا لمعاذيرهن من أول الأمر، وهو نظير قوله تعالى: * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) * (التوبة: 43) مروجه ولأنه مناسب لما قبله من الدنيا: وجوز أن يكون في محله بناء على أن إرادة الدنيا بمنزلة الطلاق والسراح الإخراج من البيوت فكأنه قيل: إن أردتن الدنيا وطلقتن فتعالين أعطكن المتعة وأخرجكن من البيوت إخراجا جميلا بلا مشاجرة ولا إيذاء، ولا يخفى بعده وسبب نزول الآية على ما قيل: إن أزواجه عليه الصلاة والسلام سألنه ثياب الزينة وزيادة النفقة.
وأخرج أحمد. ومسلم. والنسائي. وابن مردويه من طريق أبي الزبير عن جابر قال: أقبل أبو بكر رضي الله تعالى عنه والناس ببابه جلوس والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فلم يؤذن له ثم أذن لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فدخلا والنبي صلى الله عليه وسلم جالس وحوله نساؤه وهو ساكت فقال عمر: لأكلمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعله يضحك فقال: يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد يعني امرأته رضي الله تعالى عنه سألتني النفقة آنفا فوجأت عنقها فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بد ناجذه وقال: هن حولي سألنني النفقة فقام أبو بكر رضي الله تعالى عنه إلى عائشة ليضربها وقام عمر رضي الله تعالى عنه إلى حفصة كلاهما يقولان: تسألان النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن نساؤه: والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا المجلس ما ليس عنده. وأنزل الله تعالى الخيار فبدأ بعائشة فقال عليه الصلاة والسلام: إني ذاكر لك أمرا ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك قالت: ما هو؟ فتلا عليها * (يا أيها النبي قل لأزواجك) * (الأحزاب: 28) الآية قالت عائشة: أفيك أستأمر أبوي؟ بل اختار الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وأسألك أن لا تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت فقال عليه الصلاة والسلام: إن الله تعالى لم يبعثني متعنتا ولكن بعثني معلما مبشرا لا تسألني امرأة منهن عما أخبرتني إلا أخبرتها، وفي خبر رواه ابن جرير. وابن أبي حاتم عن قتادة. والحسن أنه لما نزلت آية التخيير كان تحته عليه الصلاة والسلام تسع نسوة خمس من قريش: عائشة. وحفصة. وأم حبيبة بنت أبي سفيان. وسودة بنت زمعة. وأم سلمة بنت أبي أمية وكان تحته صفية بنت حي الخيبرية. وميمونة بنت الحرث الهلالية. وزينب بنت جحش الأسدية. وجويرية بنت الحرث من بني المصطلق وبدأ بعائشة فلما اختارت الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والدار الآخرة رؤى الفرح في
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 » »»