تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ١٧٩
أموالهم ونساءهم وأبناءهم على المسلمين، وأعلم في ذلك اليوم سهمان الخيل وسهمان الرجال، وأخرج منها الخمس وكان للفرس سهمان وللفارس سهم وللراجل الذي ليس له فرس سهم، وكانت الخيل في تلك الغزوة ستة وثلاثين فرسا وهو أول فيء وقعت فيه السهمان وأخرج منه الخمس على ما ذكر ابن إسحاق، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأنصاري أخا بني عبد الأشهل بسبايا من سبايا القوم وكانت السبايا كلها على ما قيل سبعمائة وخمسين إلى نجد فابتاع بها لهم خيلا وسلاحا وكان عليه الصلاة والسلام قد اصطفى لنفسه الكريمة من نسائهم ريحانة بنت عمرو وكانت في ملكه صلى الله عليه وسلم حتى توفى، وقد كان عليه الصلاة والسلام عرض عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب فقالت: يا رسول الله بل تتركني في ملك فهو أخف على وعليك فتركها صلى الله عليه وسلم وكانت حين سباها قد أبت إلا اليهودية فعزلها عليه الصلاة والسلام ووجد في نفسه لذلك فبينما هو صلى الله عليه وسلم مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه فقال: إن هذا لنعلا ابن شعبة جاء يبشرني بإسلام ريحانة فجاءه فقال: يا رسول الله قد أسلمت ريحانة فسره ذلك من أمرها، وكان الفتح على ما في " البحر " في آخر ذي القعدة وهذه الغزوة وغزوة الخندق كانتا في سنة واحدة كما يدل عليه ما ذكرناه أول القصة وهو الصحيح خلافا لمن قال: إن كلا منهما في سنة، ولما انقضى شأن بني قريظة انفجر لسعد رضي الله تعالى عنه جرحه فمات شهيدا، وقد استبشرت الملائكة عليهم السلام بروحه واهتز له العرش، وفي ذلك يقول رجل من الأنصار: وما اهتز عرش الله من موت هالك * سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو واستشهد يوم بني قريظة على ما روي عن ابن إسحاق من المسلمين ثم من بني الحرث بن الخزرج خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو طرحت عليه رحا فشدخته شدخا شديدا، وذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن له لأجر شهيدين، ومات أبو سنان بن محصن بن حرثان أخو بني أسد بن خزيمة ورسول الله عليه الصلاة والسلام محاصر بني قريظة فدفن في مقبرتهم التي يدفنون فيها اليوم وإليه دفنوا موتاهم في الإسلام، وتمام الكلام فيما وقع في هذه الغزوة في كتب السير، وقوله تعالى:
* (وأورثكم أرضهم ودي‍ارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شىء قديرا) *.
* (وأورثكم أرضهم) * عطف على قوله سبحانه وتعالى: * (أنزل) * الخ، والمراد بأرضهم مزارعهم، وقدمت لكثرة المنفعة بها من النخل والزروع.
وفي قوله عز وجل: * (أورثكم) * إشعار بأنه انتقل إليهم ذلك بعد موت أولئك المقتولين وأن ملكهم إياه ملك قوي ليس بعقد يقبل الفسخ أو الإقالة * (وديارهم) * أي حصونهم * (وأموالهم) * نقودهم ومواشيهم وأثاثهم التي اشتملت عليها أرضهم وديارهم. أخرج ابن أبي شيبة. وابن جرير. وابن المنذر. وابن أبي حاتم عن قتادة من خبر طويل أن سعدا رضي الله تعالى عنه حكم كما حكم بقتل مقاتلهم وسبي ذراريهم بأن أعقارهم للمهاجرين دون الأنصار فقال قومه: أتؤثر المهاجرين بالإعقار علينا؟ فقال: إنكم ذوو أعقار وإن المهاجرين لا أعقار لهم، وأمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمه.
وفي " الكشاف " روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار فقالت الأنصار في ذلك فقال عليه الصلاة والسلام: إنكم في منازلكم، وقال عمر رضي الله تعالى عنه: أما تخمس كما خمست يوم بدر؟ قال: لا إنما جعلت هذه لي طعمة دون الناس قال: رضينا بما صنع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 » »»