عن صلاتي ثم قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا قام أحدكم في الصلاة فليسكن أطرافه لا يتميل تميل اليهود فإن سكون الأطراف في الصلاة من تمام الصلاة " وقال في " الكشاف ": من الخشوع أن يستعمل الآداب وذكر من ذلك توقي كف الثوب والتمطي والتثاؤب والتغميض وتغطية الفم والسدل والفرقعة والتشبيك وتقليب الحصى. وفي " البحر " نقلا عن التحرير أنه اختلف في الشخوع هل هو من فرائض الصلاة أو من فضائلها ومكملاتها على قولين والصحيح الأول ومحله القلب اه، والصحيح عندنا خلافه، نعم الحق أنه شرط القبول لا الاجزاء.
وفي المنهاج وشرحه لابن حجر ويسن الخشوع في كل صلاته بقلبه بأن لا يحضر فيه غير ما هو فيه وإن تعلق بالآخرة وبجوارحه بأن لا يعبث بأحدها، وظاهر أن هذا مراد النووي من الخشوع لأنه سيذكر الأول بقوله: ويسن دخول الصلاة بنشاط وفراغ قلب إلا أن يجعل ذلك سببا له ولذا خصه بحالة الدخول.
وفي الآية المراد كل منهما كما هو ظاهر أيضا، وكان سنة لثناء الله تعالى في كتابه العزيز على فاعليه ولانتفاء ثواب الصلاة بانتفائه كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، ولأن لنا وجها اختاره جمع أنه شرط للصحة لكن في البعض فيكره الاسترسال مع حديث النفس والعبث كتسوية ردائه أو عمامته لغير ضرورة من تحصيل سنة أو دفع مضرة، وقيل يحرم اه، وللإمام في هذا المقام كلام طويل من أراده فليرجع إليه. وتقديم الظرف قيل لرعاية الفواصل. وقيل ليقرب ذكر الصلاة من ذكر الإيمان فإنهما أخوان وقد جاء إطلاق الإيمان عليها في قوله تعالى: * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) * (البقرة: 143) وقيل للحصر على معنى الذين هم في جميع صلاتهم دون بعضها خاشعون، وفي تقديم وصفهم بالخشوع في الصلاة على سائر ما يذكر بعد ما لا يخفى من التنويه بشأن الخشوع، وجاء أن الخشوع أول ما يرفع من الناس، ففي خبر رواه الحاكم وصححه أن عبادة بن الصامت قال: يوشك أن تدخل المسجد فلا ترى فيه رجلا خاشعا.
وأخرج ابن أبي شيبة. وأحمد في الزهد، والحاكم وصححه عن حذيفة قال: " أول ما تفقدون من دينكم الخشوع وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة وتنتقض عرى الإسلام عروة عروة " الخبر.
* (والذين هم عن اللغو معرضون) *.
* (والذين هم عن اللغو) * وهو ما لا يعتد به من الأقوال والأفعال، وعن ابن عباس تفسيره بالباطل، وشاع في الكلام الذي يورد لا عن روية وفكر فيجري مجرى اللغاء وهو صوت العصافير ونحوها من الطير: وقد يسمى كل كلام قبيح لغوا، ويقال فيه كما قال أبو عبيدة لغو ولغا نحو عيب وعاب، وأنشد: عن اللغا ورفث التكليم * (معرضون) * في عامة أوقاتهم لما فيه من الحالة الداعية إلى الإعراض عنه مع ما فيهم من الاشتغال بما يعنيهم، وهذا أبلغ من أن يقال: لا يلهون من وجوه، جعل الجملة اسمية دالة على الثبات والدوام، وتقديم الضمير المفيد لتقوى الحكم بتكريره، والتعبير في المسند بالاسم الدال كما شاع على الثابت، وتقديم الظرف عليه المفيد للحصر، وإقامة الإعراض مقام الترك ليدل على تباعدهم عنه رأسا مباشرة وتسببا وميلا وحضورا فإن أصله أن يكون