بمبدئية الآثار والأفعال اه.
وما ذكره من عطف * (نقر) * ونخرج. بالنصب على * (نبين) * لم يرتضه الشيخ ابن الحاجب، قال في " شرح المفصل ": أنه مما يتعذر فيه النصب إذ لو نصب عطفا على * (نبين) * ضعف المعنى إذ اللام في لنبين للتعليل لما تقدم والمقدم سبب للتبيين فلو عطف * (ونقر) * عليه لكان داخلا في مسببية * (أنا خلقناكم) * الخ وخلقهم من تراب ثم ما تلاه لا يصلح سببا للإقرار في الأرحام، وقال الزجاج: لا يجوز في * (ونقر) * إلا الرفع ولا يجوز أن يكون معناه فعلنا ذلك لنقر في الأرحام لأن الله تعالى لم يخلق الأنام ليقرهم في الأرحام وإنما خلقهم ليدلهم على رشدهم ولاصحهم وهو قول بعدم جواز عطفه على نبين.
وأجيب بأن الغرض في الحقيقة هو بلوغ الأشد والصلوح للتكليف لكن لما كان الإقرار وما تلاه من مقدماته صح إدخاله في التعليل، وما ذكره من أن العطف على نبين على قراءة الرفع مخل بجزالة النظم الكريم فالظاهر أنه تعريض بالزمخشري حيث جعل العطف على ذلك، وقال فإن قلت: كيف يصح عطف * (لتبلغوا أشدكم) * على * (لنبين) * ولا طباق قلت: الطباق حاصل لأن قوله تعالى: * (ونقر) * قرين للتعليل ومقارنته له والتباسه به ينزلانه منزلة نفسه فهو راجع من هذه الجهة إلى متانة القراءة بالنصب اه. وفيه ما يومىء إلى أن قراءة النصب أوضح كما أنها أمتن، ولم يرتض ذلك المحققون ففي " الكشف " أن القراءة بالرفع هي المشهورة الثابتة في السبع وهي الأولى وقد أصيب بتركيبها هكذا شاكلة الرمي حتى لم يجعل الإقرار في الأرحام علة بل جعل الغرض منه بلوغ الأشد وهو حال الاستكمال علما وعملا وحيث لم يعطف على * (لنبين) * إلا بعد أن قدم عليه * (ونقر) * ثم نخرج مجعولا * (نقر) * عطفا على * (أنا خلقناكم) * والعدول إلى المضارع لتصوير الحال والدلالة على زيادة الاختصاص فالطباق حاصل لفظا ومعنى مع أن في الفصل بين العلتين من النكتة ما لا يخفى على ذي لب حسن موقعها بعد التأمل، وكذلك في الإتيان بثم في قوله سبحانه: * (ثم لتبلغوا) * دلالة على أنه الغرض الأصيل الذي خلق الإنسان له * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * ولما كانت الأوائل في الدلالة على البعث أظهر قدم قوله تعالى: * (لنبين) * على الإقرار والإخراج اه.
ويعلم منه ما في قول العلامة: إن عطف * (لتبلغوا) * الخ على * (لنبين) * مخل بجزالة النظم الكريم وأنه لا يتعين الاستئناف في * (ونقر) * وفيه أيضا أن قوله تعالى: * (ومنكم من يتوفى) * الخ استئناف لبيان أقسام الإخراج من الرحم كما استوفى أقسام الأول وفيه تبيين تفصيل حال بلوغ الأشد وأنها الحقيق بأن تكون مقصودة من الإنشاء لكن منهم من لا يصل إليها فيحتضر ومنهم من يجاوزها فيحتقر أي منكم من يموت قبل بلوغ الأشد * (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) * أي أرداه وأدناه، والمراد يرد إلى مثل زمن الطفولية * (لكيلا يعلم من بعد علم) * أي علم كثير * (شيئا) * أي شيئا من الأشياء أو شيئا من العلم، واللام متعلقة بيرد وهي لام العاقبة والمراد المبالغة في انتقاص علمه وانتكاس حاله وليس لزمان ذلك الرد حد محدود بل هو مختلف باختلاف الأمزجة على ما في " البحر " وإيراد الرد والتوفي على صيغة المبني للمفعول للجري على سنن الكبرياء لتعين الفاعل كما في إرشاد العقل السليم، وفي " شرح الكشاف " للطيبي بعد تجويز أن يكون * (ثم لتبلغوا) * بتقدير * (ثم لتبلغوا) * كان ذلك الإقرار والإخراج أن فائدة ذلك الإيذان بأن بلوغ الأشد أفضل الأحوال والإخراج أبدعها والرد إلى أرذل العمر