غير الله تعالى، وعلى الرابع والخامس تذييل للقصة أو بالقصتين فلا يأباهما كما توهم، وعلى السادس تتميم يؤكد أنه سن بهم سنته فيمن وجدهم في مغرب الشمس.
* (ثم أتبع سببا) * * (ثم أتبع سببا) * طريقا ثالثا معترضا بين المشرق والمغرب آخذا من مطلع الشمس إلى الشمال.
* (حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا) * * (حتى إذا بلغ بين السدين) * أي الجبلين، قال في " القاموس ": السد الجبل والحاجز؛ وإطلاق السد عليه لأنه سد فجا من الأرض، وقيل: إطلاق ذلك عليه هنا لعلاقة المجاورة وليس بذاك، وقرأ نافع. وابن عامر. وحمزة. والكسائي. وأبو بكر. ويعقوب بضم السين، والمعنى على ما قال الكسائي واحد، وقال الخليل. وس: السد بالضم الاسم وبالفتح المصدر، وقال ابن أبي إسحق: الأول ما رأيته عيناك والثاني ما لا تريانه، وقال عكرمة. وأبو عمرو بن العلاء. وأبو عبيدة؛ الأول ما كان من خلق الله تعالى لا دخل لصنع البشر فيه والثاني ما كان لصنع البشر دخل فيه، ووجه دلالة المضموم على ذلك أنه بمعنى مفعول ولكونه لم يذكر فاعله فيه دلالة على تعين وعدم ذهاب الوهم إلى غيره فيقتضي أنه هو الله تعالى، وأما دلالة المفتوح على أنه من عمل العباد فللاعتبار بدلاله الحدوث وتصوير أنه ها هو ذا يفعله فليشاهد، وهذا يناسب ما فيه مدخل العباد على أنه يكفي فيه فوات ذلك التفخيم، وأنت تعلم أن القراءة بهما ظاهرة في توافقهما وعدم ذكر الفاعل والحدوث أمران مشتركان، وعكس بعضهم فقال: المفتوح ما كان من خلقه تعالى إذ المصدر لم يذكر فاعله والمضموم ما كان بعمل العباد لأنه بمعنى مفعول والمتبادر منه ما فعله العباد وضعفه ظاهر، وانتصاب * (بين) * على المفعولية لأنه مبلوغ وهو من الروف المتصفة ما لم يركب مع آخر مثله، وقيل: إنه ظرف والمفعول به محذوف وهو ما أراده أو نحوه، وهذا السدان فيه يقرب من عرض تسعين من جهة الشمال وهو المراد بآخر الجربياء في كتاب حزقيال عليه السلام، وقد ذكر بعض أحبار اليهود أن يأجود ومأجوج في منتهى الشمال حيث لا يستطيع أحد غيرهم السكنى فيه وهم في زاوية من ذلك لكنهم لم يتحقق عندهم أنهم فيما يلي المشرق من الشمال أو فيما يلي المغرب منه، وهذا موافق لما ذكرناه في موضع السدين وهو الذي مال إليه كاتب جلبي، وقيل: هما جبلا أرمينية وأذربيجان ونسب ذلك إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وإليه يميل صنيع البيضاوي.
وتعقب بأنه توهم ولعل النسبة إلى الحبر غير صحيحة، وكان من يزعم ذلك يزعم أن سد ذي القرنين هو السد المشهور في باب الأبواب وهو مع استلزامه أن يكون يأجوج ومأجوج الخزر والترك خلاف ما عليه المؤرخون فإن باني ذلك السد عندهم كسرى أنو شروان، وقيل: اسفنديار وهو أيضا لم يبق إلى الآن بل خرب من قبل هذا بكثير، وزعم أن السد ويأجوج ومأجوج هناك وأن الكل قد تلطف بحيث لا يرى كما يراه عصرينا رئيس الطائفة المسماة بالكشفية السيد كاظم الرشتي ضرب من الهذيان وإحدى علامات الخذلان. وقال ابن سعيد: إن ذلك الموضع حيث الطول مائة وثلاثة وستون درجة والعرض أربعون درجة، وفيه أن في هذا الطول والعرض بلاد الخنا والجين وليس هناك يأجوج ومأجوج، نعم هناك سد عظيم يقرب من مائتينوخمسين ساعة طولا لكنه ليس بين السدين ولا بانيه ذو القرنين ولا يكاد يصدق عليه ما جاء في وصف سده، ويمنع من القول بذلك أيضا ما لا يخفى، وقيل: هما بموضع من الأرض لا نعلمه وكم فيها من أرض مجهولة ولعله قد حال بيننا وبين ذلك الموضع مياه عظيمة، ودعوى استقراء سائر البراري والبحاري غير مسلمة، ويجوز العقل أن يكون في البحر أرض نحو أمريقا لم يظفر بها إلى الآن وعدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود