والسلام وسعى رجال إلى أبي بكر فقال: إن كان قال ذلك لقد صدق قالوا تصدقه على ذلك قال: إني أصدقه على أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء غدوة أو روحة فسمى الصديق، وكان في القوم من يعرف بين المقدس فاستنعتوه إياه فجلى له فطفق ينظر إليه وينعته لهم فقالوا: أما النعت فقد أصاب فيه فقالوا: أخبرنا عن عيرنا فهي أهم إلينا هل لقيت منها شيئا؟ قال: نعم مررت بعير بني فلان وهي بالروحاء وقد أضلوا بعيرا لهم وهم في طلبه وفي رحالهم قدح من ماء فعطشت فأخذته وشربته ووضعته كما كان فاسألوا هل وجدوا الماء في القدح حين رجعوا؟ قالوا: هذه آية قال: ومررت بعير بني فلان وفلان وفلان راكبان قعودا فنفر بعيرهما مني فانكسر فاسألوهما عن ذلك قالوا: هذه آية أخرى، ثم سألوه عن العدة والاحمال والهيئات فمثلت له العير فاخبرهم عن كل ذلك وقال: تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس وفيها فلان وفلان يقدمها جمل أورق عليه غرارتان مخيطتان قالوا. وهذه آية أخرى فخرجوا يشتدون ذلك اليوم نحو الثنية فجعلوا ينظرون متى تطلع الشمس فيكذبوه إذ قال قائل. هذه الشمس قد طلعت وقال آخر: هذه العير قد أقبلت يقدمها بعير أورق فيها فلان وفلان كما قال فلم يؤمنوا وقالوا هذا سحر مبين قاتلهم الله أني يؤفكون وفي بعض الآثار أن أم هانىء قالت: فقدته صلى الله عليه وسلم وكان نائما عندي فامتنع مني النوم مخافة أن يكون عرض له بعض قريش ويقال إنه تفرقت بنو عبد المطلب يلتمسونه ووصل العباس إلى ذي طوى وهو ينادي يا محمد يا محمد فأجابه صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أخي أعييت قومك أين كنت؟ قال: ذهبت إلى بيت المقدس قال: من ليلتك قال: نعم قال: هل أصابك الأخير؟ قال ما أصابني الأخير وقيل: غير ذلك.
وكما اختلف في مبدأ الإسراء اختلف في سنته فذكر النووي في الروضة أنه كان بعد النبوة بعشر سنين وثلاثة أشهر، وفي الفتاوي أنه كان سنة خمس أو ست من النبوة، ونقل عنه الفاضل الملا أمين العمري في شرح ذات الشفاء الجزم بأنه كان في السنة الثانية عشرة من المبعث. وعن ابن حزم دعوى الإجماع على ذلك، وضعف ما في الفتاوي بأن خديجة رضي الله تعالى عنها لم تصل الخمس وقد ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين. وقيل كان قبل الهجرة بسنة وخمسة أشهر، وقيل ثلاثة أشهر، ووقع في حديث شريك بن أبي نمرة عن أنس أنه كان قبل أن يوحى إليه صلى الله عليه وسلم وقد خطأه غير واحد في ذلك، ونقل الحافظ عبد الحق في كتابه الجمع بين الصحيحين حديث شريك الواقع فيه ذلك بطوله، ثم قال: هذا الحديث بهذا اللفظ من رواية شريك عن أنس قد زاد فيه زيادة مجهولة وأتى بألفاظ غير معروفة.
وقد روى حديث الإسراء عن أنس جماعة من الحفاظ المتقنين والأئمة المشهورين كابن شهاب. وثابت البناني. وقتادة فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك، وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث.
وأجاب عن ذلك محيي السنة وغيره بما ستسمعه إن شاء الله تعالى، وكذا اختلف في شهره وليلته فقال النووي في الفتاوي: كان في شهر ربيع الأول، وقال في شرح مسلم تبعا للقاضي عياض: إنه في شهر ربيع الآخر، وجزم في الروضة بأنه في رجب، وقيل: في شهر رمضان، وقيل: في شوال، وكان على ما قيل الليل السابعة والعشرين من الشهر وكانت ليلة السبت كما نقله ابن الملقن عن رواية الواقدي، وقيل: كانت ليلة الجمعة لمكان فضلها وفضل الإسراء، ورد بأن جبرائيل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم أول يوم بعد الإسراء الظهر ولو كان يوم الجمعة لم يكن فرضها الظهر قاله محمد بن عمر السفري، وفيه أن العمري ذكر في شرح ذات الشفاء