كان كمن صلى فيه، وروى بعضه أبو داود، وهو ثاني مسجد وضع في الأرض لخبر أبي ذر قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولا؟ قال: المسجد الحرام قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى قلت: كم بينهما قال: أربعون سنة ثم أينما أدركتك الصلاة فصل فإن الفضل فيه، وقد أسسه يعقوب عليه السلام بعد بناء إبراهيم عليه السلام الكعبة بما ذكر في الحديث وجدده سليمان أو أتم تجديد أبيه عليهما السلام بعد ذلك بكثير، والكلام فيما يتعلق بذلك مفصل في محله * (لنريه من ءاياتنا) * أي لنرفعه إلى السماء حتى يرى ما يرى من العجائب العظيمة، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم عرج به من صخرة بيت المقدس كما تقدم واجتمع في كل سماء مع نبي من الأنبياء عليهم السلام كما في " صحيح البخاري ". وغيره، واطلع عليه الصلاة والسلام على أحوال الجنة والنار ورأى من الملائكة ما لا يعلم عدتهم إلا الله تعالى.
ونقل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه عليه الصلاة والسلام رأى ليلة المعراج في مملكة الله تعالى خلقا كهيئة الرجال على خيل بلق شاكين السلاح طول الواحد منهم ألف عام والفرس كذلك يتبع بعضهم بعضا لا يرى أولهم ولا آخرهم فقال يا جبريل من هؤلاء؟ فقال: ألم تسمع قوله تعالى: * (وما يعلم جنود ربك إلا هو) * (المدثر: 31) فأنا أهبط وأصعد أراهم هكذا يمرون لا أدري من أين يجيئون ولا إلى أين يذهبون، وقد صلى صلى الله عليه وسلم بالأنبياء عليهم السلام في بيت المقدس، وقال في " العقائق " وكانت صلاته عليه الصلاة والسلام بهم ركعتين قرأ في الأولى قل يا أيها الكافرون وفي الثانية الإخلاص؛ وقال بعضهم: كانت دعاء، وذكر أن الأنبياء كانوا سبعة صفوف ثلاثة منهم مرسلون وأن الملائكة عليهم السلام صلت معهم وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام كما قال القاضي زكريا في " شرح الروض "، والحكمة في ذلك أن يظهر أنه أمام الكل عليه الصلاة والسلام، وهل صلى بأرواحهم خاصة أو بها مع الأجساد فيه خلاف، وكذا اختلف في أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم قبل العروج أو بعده فصحح الحافظ ابن كثير أنه بعده وصحح القاضي عياض وغيره أنه قبله، وجاء في رواية أنه عليه الصلاة والسلام صلى في كل سماء ركعتين يؤم أملاكها، وكان الإسراء والعروج في بعض ليلة واحدة، وكان رجوعه صلى الله عليه وسلم على ما كان ذهابه عليه ولم يعين مقدار ذلك البعض، وكيفما كان فوقوع ما وقع فيه من أعجب الآيات وأغرب الكائنات، وفي بعض الآثار أنه صلى الله عليه وسلم لما رجع وجد فراشه لم يبرد من أثر النوم، وقيل: إن غصن شجرة أصابه بعمامته في ذهابه فلما رجع وجده بعد يتحرك، وزعم بعضهم أن ليلة الإسراء غير ليلة المعراج وظاهر الآية على ما سمعت يقتضي أنهما في ليلة واحدة؛ وإنما أسري به صلى الله عليه وسلم أولا إلى بيت المقدس وعرج به ثانيا منه ليكون وصوله إلى الأماكن الشريفة على التدريج فإن شرف بيت المقدس دون شرف الحضرة التي عرج إليها على ما قيل، وقيل: توطينا له عليه الصلاة والسلام لما في المعراج من الغرابة العظيمة التي ليست في الإسراء وإن كان غريبا أيضا، وقيل: لتتشرف به أرض المحشر ذهابا وإيابا، وقيل: لأن باب السماء الذي يقال مصعد الملائكة عليهم السلام على مقابلة صخرة بيت المقدس فقد نقل عن كعب الأحبار أنه قال: إن لله تعالى بابا مفتوحا من سماء الدنيا إلى بيت المقدس ينزل منه كل يوم سبعون ألف ملك يستغفرون لمن أتى بيت المقدس وصلى فيه فأسريه به صلى الله عليه وسلم إلى هناك أولا ثم عرج به ليكون صعوده على الاستواء، وقيل: إن اسطوانات المسجد قالت ربنا حصل لنا من كل نبي حظ وقد اشتقنا إلى