تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٥ - الصفحة ٣
ألوانه فيه شفاء للناس) * (النحل: 69) وذكر ههنا في القرآن * (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) * (الإسراء: 82) تلك أمره بإيتاء ذي القربي وأمر هنا بذلك مع زيادة في قوله سبحانه: * (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا) * (الإسراء: 26) وذلك بعد أن أمر جل وعلا بالإحسان بالوالدين اللذين هما منشأ القرابة إلى غير ذلك مما لا يحصى فليتأمل والله تعالى الموفق.
* (سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذى باركنا حوله لنريه من ءاي‍اتنآ إنه هو السميع البصير) * * (بسم الله الرحم‍ان الرحيم * سبحان الذي أسرى بعبده) * سبحان هنا على ما ذهب إليه بعض المحققين مصدر سبح تسبيحا بمعنى نزه تنزيها لا بمعنى قال سبحان الله؛ نعم جاء التسبيح بمعنى القول المذكور كثيرا حتى ظن بعضهم أنه مخصوص بذلك وإلى هذا ذهب صاحب القاموس في شرح ديباجة الكشاف، وجعل سبحانمصدر سبح مخففا وليس بذاك، وقد يستعمل علما للتنزيه فيقطع عن الإضافة لأن الأعلام لا تضاف قياسا ويمنع من الصرف للعلمية والزيادة واستدل على ذلك بقول الأعشى: قد قلت لما جاءني فخره * سبحان من علقمة الفاخر وقال الرضى: لا دليل على علميته لأنه أكثر ما يستعمل مضافا فلا يكون علما وإذا قطع فقد جاء منونا في الشعر كقوله: سبحانه ثم سبحانا نعوذ به * وقبلنا سبح الجودى والجمد وقد جاء باللام كقوله: سبحانك اللهم ذو السبحان ولا مانع من أن يقال في البيت الذي استدلوا به: حذف المضاف إليه وهو مراد للعلم به وأبقى المضاف على حاله مراعاة لأغلب أحواله أي التجرد عن التنوين كقوله: خالط من سلمى خياشيم وفا انتهى، وظااهر كلام الزمخشري أنه علم للتسبيح دائما وعو على جنس لأن علم الجنس كما يوضع للذوات يوضع للمعاني فلا تفصيل عنده، وانتصر له صاحب الكشف فقال: إن ما ذهب إليه العلامة هو الوجه لأنه إذا ثبتت العلمية بدليلها فالإضافة لا تنافيها وليست من باب - زيد المعارك - لتكون شاذة بل من باب - حاتم طى وعنترة عبس - وذكر أنه يدل على التنزيه البليغ وذلك من حيث الاشتقاق من السبح وهو الذهاب والإبعاد من الأرض ثم ما يعطيه نقله إلى التفعيل ثم العدول عن المصدر إلى الاسم الموضوع له خاصة لا سيما وهو علم يشير إلى الحقيقة الحاضرة في الذهن وما فيه من قيامه مقام المصدر مع الفعل فإن انتصابه بفعل متروك الإضهار ولهذا لم يجز استعماله إلا فيه تعالى أسماؤه وعظم كبرياؤه، وكأنه قيل: ما أبعد الذي له هذه القدرة عن جميع النقائص فلا يكون اصطفاؤه لعبده الخصيص به إلا حكمة وصوابا انتهى.
وأورد على ما ذكره أولا أن منع إضافة العلم قياسا لم يفرق بين إضافة وإضافة فإن ادعى أن بعض الأعلام اشتهرت بمعنى كحاتم بالكرم فيجوز في نحوه الإضافة لقصد التخصيص ودفع العموم الطارىء فما نلأحن فيه ليس من هذا القبيل كما لا يخفى. وما ذكر من دلالته على التنزيه من جميع النقائص هو الذي يشهد له المأثور، ففي العقد الفريد عن طلحة قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير سبحان الله فقال: تنزيه لله تعالى عن كل سوء.
وقال الطيبي في قول الزمخشري: إنه دل على التنزيه البليغ عن جميع القبائح التي يضيفها إليه أعداء الله تعالى إن ذلك مما يأباه مقام الإسراء إباء العيوف الورود وهو مزيف بل معناه التعجب كما قال في النور الأصل في ذلك أن يسبح الله تعالى عند رؤية العجيب من صنائعه ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»