على غير المضروب من الفضة، وقول الأصمعي كما حكى عنه القتيبي الورق في الحديث بفتح الراء، والمراد به الورق الذي يكتب فيه لأن الفضة لا تنتن لا يعول عليه والمنتن الذي ذكره لا صحة له، وقرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر. والحسن. والأعمش. واليزيدي. ويعقوب في رواية، وخلف وأبو عبيد. وابن سعدان * (بورقكم) * بإسكان الراء، وقرأ أبو رجاء بكسر الواو وإسكان الراء وإدغام القاف في الكاف، وكذا إسماعيل عن ابن محيصن، وعنه أيضا أنه قرأ كذلك إلا أنه كسر الراء لئلا يلزم التقاء الساكنين على غير حدة كما في الرواية الأخرى، وبهذا اعترض عليها. وأجيب بأن ذلك جائز وواقع في كلام العرب لكن على شذوذ، وقد قرىء * (نعما) * بسكون العين والادغام، وما قيل إنه لا يمكن التلفظ به قيل عليه إنه سهود وحكى الزجاج أنه قرىء بكسر الواو وسكون الراء من غير إدغام. وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه * (بوارقكم) * على وزن فاعل جعله اسم جمع كباقر وحامل، ووصف الورق بقوله تعالى: * (هاذه) * يشعر بأن القائل أحضرها لينا ولها بعض أصحابه وإشعاره بأنه ناولها إياه بعيد، وفي حملهم لها دليل على أن التأهب لأسباب المعاش لمن خرج من منزله بحمل النفقة ونحوها لا ينافي التوكل على الله تعالى كما في الحديث " اعقلها وتوكل " نعم قال بعض الأجلة: إن توكل الخواص ترك الأسباب بالكلية، ومن ذلك ما روي عن خالد بن الوليد من شرب السم، ومشى سعد بن أبي وقاص وأبي مسلم الخولاني بالجيوش على متن البحر ودخول تميم في الغار التي خرجت منه نار الحرة ليردها بأمر عمر رضي الله تعالى عنه.
وقد نص الإمام أحمد. وإسحاق. وغيرهما من الأئمة على جواز دخول المفاوز بغير زاد وترك التكسب والتطبب لمن قوي يقينه وتوكله، وفسر الإمام أحمد التوكل بقطع الاستشراف باليأس من المخلوقين، واستدل عليه بقول إبراهيم عليه السلام حين عرض له جبريل عليه السلام يوم ألقى في النار وقال له: ألك حاجة؟ أما إليك فلا، وليس طرح الأسباب سبيل توكل الخواص عند الصوفية فقط كما يشعر به كلام بعض الفضلاء بل جاء عن غيرهم أيضا * (إلى المدينة) * المعهودة وهي المدينة التي خرجوا منها قيل وتسمى الآن طرسوس وكان اسمها يوم خرجوا منها أفسوس، وبهذا يجمع بين الروايتين السابقتين، وكان هذا القول صدر منهم إعراضا عن التعمق في البحث وإقبالا على ما يهمهم بحسب الحال كما ينبىء عنه الفاء، وذكر بعضهم أن ذلك من باب الأسلوب الحكيم كقوله:
أتت تشتكي عندي مزاولة القرى * وقد رأت الضيفان ينحون منزلي فقلت كأني ما سمعت كلامها * هم الضيف جدي في قراهم وعجلي * (فلينظر أيها أزكى طعاما) * أي أحل فإن أهل المدينة كانوا في عهدهم يذبحون للطواغيت كما روى سعيد بن منصور وغيره عن ابن عباس، وفي رواية أخرى أنهم كانوا يذبحون الخنازير، وقال الضحاك: إن أكثر أموالهم كانت مغصوبة فأزكى من الزكاة وأصلها النمو والزيادة وهي تكون معنوية أخروية وحسية دنيوية وأريد بها الأولى لما في توخي الحلال من الثواب وحسن العاقبة، وقال ابن السائب. ومقاتل: أي أطيب فإن كان بمعنى أحل لأنه يطلق عليه رجع إلى الأول وإن كان بمعناه المتبادر فالزيادة قيل حسية دنيوية، وقال عكرمة: أي أكثر.
وقال يمان بن ريان: أي أرخص، وقال قتادة: أي أجود وهو أجود، وعليه وكذا على سابقيه على ما قيل تكون