رواسي أن تميد بكم) * (النحل: 15).
قال ابن عباس: إن الله تعالى لما بسط الأرض على الماء مالت كالسفينة فأرساها بالجبال الثقال لئلا تميل بأهلها، وقد تقدم الكلام في ذلك.
وزعم بعضهم أنه يجوز أن يكون المراد أنه تعاى فعل ذلك لتكون الجبال دالة على طرق الأرض ونواحيها فلا تميد الناس عن الجادة المستقيمة ولا يقعون في الضلال، ثم قال؛ وهذا الوجه ظاهر الاحتمال. وأنت تعلم أنه لا يسوغ الذهاب إليه مع وجود أخبار تأباه كالجبال * (وأنبتنا فيها) * أي في الأرض، وهي إما شاملة للجبال لأنها تعد منها أو خاصة بغيرها لأن أكثر النبات وأحسنه في ذلك.
وجوز أن يكون الضمير للجبال والأرض بتأويل المذكورات مثلا أو للأرض بمعنى ما يقابل السماء بطريق الاستخدام، وعوده على الرواسي لقربها وحمل الانبات على إخراج المعادن بعيد * (من كل شيء موزون) * أي مقدر بمقدار معين تقتضيه الحكمة فهو مجاز مستعمل في لازم معناه أو كناية أو من كل شيء مستحسن متناسب من قولهم: كلام موزون، وأنشد المرتضى في درره لهذا المعنى قول عمر بن أبي ربيعة. وحديث ألذه وهو مما * تشتهيه النفوس يوزن وزنا وقد شاع استعمال ذلك في كلام العجم والمولدين فيقولون: قوام موزون أي متناسب معتدل، أو ما له قدر واعتبار عند الناس في أبواب النعمة والمنفعة، وقال ابن زيد: المراد ما يوزن حقيقة كالذهب والفضة وغيرهما، و * (من) * كما في البحر للتبعيض، وقال الأخفش: هي زائدة أي كل شيء.
* (وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين) * .
* (وجعلنا لكم فيها معايش) * ما تعيشون به من المطاعم والمشارب والملابس وغيرها مما يتعلق به البقاء وهي بياء صريحة. وقرأ الأعرج. وخارجة عن نافع بالهمز ، قال ابن عطية: والوجه تركه لأن الياء في ذلك عين الكلمة، والقياس في مثله أن لا يبدل همزة وإنما يبدل إذا كان زائدا كياء شمائل وخبائث. لكن لما كان الياء هنا مشابها للياء هناك في وقوعه بعد مدة زائدة في الجمع عومل معاملته على خلاف القياس * (ومن لستم له برازقين) * عطف على معايش أي وجعلنا لكم من لستم برازقيه من العيال والمماليك والخدم والدواب وما أشبهها على طريقة التغليب كما قال الفراء وغيره، وذكرهم بهذا العنوان لرد حسبان بعض الجهلة أنهم يرتزقون منهم أو لتحقيق أن الله تعالى يرزقهم وإياهم مع ما في ذلك من عظيم الامتنان، ويجوز عطفه على محل * (لكم) * وجوز الكوفيون ويونس. والأخفش. وصححهع أبو حيان العطف على الضمير المجرور إن لم يعد الجار، والمعنى على التقديرين سواء أي وجعلنا لكم معايش ولمن لستم له برازقين، وقال الزجاج: إن * (من) * في محل نصب بفعل محذوف والتقدير وأعشنا من لستم الخ أي أمما غيركم لأن المعنى أعشناكم، وقيل: إنه في محل رفع على الابتداء وخبره محذوف لدلالة المعنى عليه أي ومن لستم له برازقين جعلنا له فيها معايش وهو خلاف الظاهر، وقال أبو حيان: لا بأس به فقد أجازوا ضربت زيدا وعمرو بالرفع على الابتداء أي وعمرو ضربته فحذف الخبر لدلالة ما قبله عليه.
وأخرج ابن المنذر. وغيره عن مجاهد أن المراد * (بمن لستم) * الخ الدواب والأنعام، وعن منصور الوحش، وعن بعضهم ذاك والطير - فمن - على هذه الأقوال لما لا يعقل.
* (وإن من شىء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) * .
* (وان من شيء) * * (إن) * نافية