قول ابن عباس، فقد روى عنه أنه قال: " كان الجن يصعدون إلى السماء فيستمعون الوحي فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها أشياء من عند أنفسهم فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم منعوا مقاعدهم ولم يكن النجوم يرمي بها قبل ذلك فقال لهم إبليس: ما هذا إلا لأمر حدث " الخبر.
وروى عن أبي كعب أنه قال: " لم يرم بنجم منذ رفع عيسى عليه السلام حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمى بها فرأت قريش ما لم تر قبل فجعلوا يسيبون أنهامهم ويعتقون رقابهم يظنون أنه الفناء فبلغ ذلك كبيرهم فقال: لم تفعلون؟ فقالوا: رمى بالنجوم فقال: اعتبروا فإن تكن نجوم معروفة فهو وقت فناء الناس وإلا فهو أمر حدث فنظروا فإذا هي لا تعرف فأخبروه فقال: في الأمر مهلة وهذا عند ظهور نبي " الخبر، وكتب الأوائل قد توالت عليها التحريفات فلعل المتأخرين ألحقوا هذه المسألة بها طعنا في هذه المعجزة، وكذا الأشعار المنسوبة إلى أهل الجاهلية لعلها مختلفة عليهم. وثانيا: وهو الحق بأنها كانت موجودة قبل البعثة لأسباب أخر ولا ننكر ذلك إلا أنه لا ينافي أنها بعد البعثة قد توجد بسبب دفع الشياطين وزجرهم. يروى أنه قيل للزهري: أكان يرمي في الجاهلية؟ قال: نعم قيل: أفرأيت قوله تعالى: * (وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا) * (الجن: 9) قال: غلظ وشدد أمرها حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى نحو هذا يخرج ما روى عن ابن عباس. وأبى رضي الله تعالى عنهم إن صح.
وعن الثاني: بأنه إذا جاء القدر عمى البصر فإذا قضى الله تعالى على طائفة منهم الحرق لطغيانهم وضلالهم قيض لها من الدواعي ما تقدم معه على الفعل المفضي إلى الهلاك.
وعن الثالث: بأن البعد بين الأرض والسماء خمسمائة عام فأما ثخن الفلك فإنه لا يكون عظيما.
وعن الرابع: بأنه روى عن الزهري عن علي بن الحسين بن علي كرم الله تعالى وجهه عن ابن عباس قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم جالس في نفر من أصحابه إذ رمى بنجم فاستنار فقال عليه الصلاة والسلام: " ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا حدث مثل هذا؟ " قالوا: كنا نقول يولد عظيم أو يموت عظيم قال عليه الصلاة والسلام: " فإنها لا ترمي لموت أحد ولا لحيات ولكن ربنا تعالى إذا قضى الأمر في السماء سبحت حملة العرش ثم سبح أهل السماء وسبح أهل كل سماء حتى ينتهي التسبيح إلى هذه السماء حتى ينتهي التسبيح إلى هذه السماء ويستخبر أهل السماء حملة العرش ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ولا يزال ينتهي الخبر إلى هذه السماء فيتخطفه الجن فيرمون فما جاءوا به فهو حق ولكنهم يزيدون فيه ".
وعن الخامس: بأن النار قد تكون أقوى من نار أخرى فالأقول تبطل ما دونها.
وعن السادس: بأنه إنما دام لأنه عليه الصلاة والسلام أخبر ببطلان الكهانة فلو لم يدم هذا القذف لعادت الكهانة وذلك يقدح في خبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن بطلانها.
وعن السابع: بأن البعد على مذهبنا غير مانع من السماع فلعله سبحانه وتعالى أجرى عادته بأنهم إذا وقفوا في تلك المواضع سمعوا كلام الملائكة عليهم السلام.
وعن الثامن: بأنه لعل الله تعالى أقدرهمعلى استماع الغيوب من الملائكة وأعجزهم عن إيصال أسرار المؤمنين إلى الكفار. وعن التاسع: بأنه عز وجل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وبهذا يجاب عن الأول فيما قيل.
وأجيب عن الثاني: بأنا نختار انقطاع الهواء والسماع عندنا بخلق الله تعالى ولا يتوقف على وجود الهواء وتموجه، وقد يختار عدم الانقطاع ويقال: إنه تعالى شأنه