لنعطينه ما تطيب به حياته فيؤول معنى الآية حينئذ على تقدير أن يراد القناعة الرضا من رضى بالقسمة وفعل كذا وكذا وهو مؤمن أو من عمل صالحا وهو راض بالقسمة متصف بكذا وكذا مما فيه كمال الإيمان فلنعطينه الرضا بالقسمة الذي تطيب به حياته ويتضمن من رضى بالقسمة فلنعطينه الرضا بالقسمة الذي تطيب به حياته وهو كما ترى وفيه ما لا يخفى. نعم تفسير الحياة الطيبة بما يكون في الجنة سالم عن هذا القيل والقال، ويراد بها ما سلمت من توعم الموت والهرم وحلول الالم والسقم فيكون قوله تعالى: * (لنحيينه حياة طيبة) * إشارة إلى درء المفاسد، وقوله سبحانه: * (ولعنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) * إشارة إلى جلب المصالح ولكون الأول أهم قدم فليتأمل، وكأن المراد ولنجزينهم الخ حسبما يفعل بالصابرين فليس في الآية شائبة تكرار كما زعم الطبرسي، والجمع في الضمائر العائدة إلى الموصول لمراعاة جانب المعنى كما أن الأفراد فيما سلف لرعاية جانب اللفظ، وإيثار ذلك على العكس بناءا على كون الأحياء حياة طيبة في الدنيا وجزاء الأجر في الآخرة لما أن وقوع الجزاء بطريق الاجتماع المناسب للجمعية ووقوع ما في حيز الصلة وما يترتب عليه بطريق الافتراق والتعاقب الملائم للأفراد، وقيل بناءا على كون ذلك في الآخرة: إن الجمع والأفراد لما تقدم، وكذا إيثار ذلك على العكس فيما عدا ضمير " لنحيينه " واما في ضميره فلما أن الأحياء حياة طيبة بمعنى ما سلمت مما تقدم أمر واحد في الجميع لا يتفاوت فيه أهل الجنة فكأنهم في ذلك شيء واحد، ولما لم يكن الجزاء كذلك وكان أهل الجنة فيه متفاوتين جيء بضمير الجمع معه فتأمل كل ذلك. وروي عن نافع أنه قرأ " وليجزينهم " بالياء على الالتفات من التكلم إلى الغيبة.
قال أبو حيان: وينبغي أن يكون ذلك على تقدير قسم ثان لا معطوفا على * (فلنحيينه) * فيكون من عطف جملة قسمية على مثلها وكلتاهما محذوفتان، ولا يكون من عطف جواب على مثله لتغاير الإسناد وإفضاء الثاني إلى إخبار المتكلم عن نفسه اخبار الغائب وذلك لا يجوز، وعلى هذا لا يجوز زيد قال لأضربن هند أو لينفينها تريد ولينفينها زيد فإن جعلته على إضماء قسم ثان جاز أي وقال زيد لينفينها لأن لك في هذا التركيب حكاية المعنى وحكاية اللفظ، ومن الثاني * (وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى) * ومن الأول * (يحلفون بالله ما قالوا) * ولو حكى اللفظ قيل ما قلنا ا ه. واستدل بالآية على أن الإيمان مغاير للعمل الصالح مغايرة الشرط للمشروط.
هذا وإذ قد انتهى الأمر إلى مدار الجزاء وهو صلاح العمل وحسنه رتب عليه بالفاء الإرشاد إلى ما به يحسن العمل الصالح، ويخلص عن شوب الفساد فقيل:
* (فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) * .
* (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله) * أي إذا أردت قراءة القرآن فاسأله عز جاره أن يعيذك * (من) * وساوس * (الشيطان الرجيم) * كيلا يوسوسك في القراءة، فالقراءة مجاز مرسل عن إرادتها إطلاقا لاسم المسبب على السبب، وكيفية الاستعاذة عند الجمهور من القراء وغيرهم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لتظافر الروايات على أنه صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ كذلك.
وروى الثعلبي. والواحدي أن ابن مسعود قرأ عليه عليه الصلاة والسلام فقال: أعوذ باا السميع