أنهم نمروذ بن كنعان وقومه، وعمم بعضهم فقال: هم الذين احتالوا لهلاك الأنبياء عليهم السلام، وتعقب بأن المراد تحذير أهل مكة عن إصابة مثل ما أصاب الأولين من فنون العذاب المعدودة فالمعول عليه ما عند الأكثر، و * (السيآت) * نعت لمصدر محذوف أي مكروا المكرات السيئات التي قصت عنهم أو مفعول به للفعل المذكور على تضمينه معنى فعل متعد كعمل أي عملوا السيئات ماكرين فقوله تعالى: * (أن يخسف الله بهم الأرض) * مفعول لأمن أو * (السيآت) * مفعول لأمن بتقدير مضاف أو تجوز أي عقاب السيئات أو على أن * (السيآت) * بمعنى العقوبات التي تسوءهم، و * (أن يخسف) * بدل من ذلك وعلى كل حال فالفاء للعطف على مقدر ينسحب عليه النظم الكريم أي أنزلنا إليك الذكر لتبين لهم مضمونه الذي من جملته أنباء الأمم المهلكة بفنون العذاب ويتفكروا في ذلك ألم يتفكروا فأمن الذين مكروا السيئات الخ على توجيه الإنكار إلى المعطوفين أو أتفكروا فأمنوا على توجيهه إلى المعطوف، وقيل: هو للعطف على مقدر ينبىء عنه الصلة أي أمركوا فأمن الذين مكروا السيئات الخ، وخسف يستعمل لازما ومتعديا يقال: - كما قال الراغب - خسفه الله تعالى وخسف هو وكلا الاستعمالين محتمل هنا، فالباء إما للتعدية أو للملابسة و * (الأرض) * إما مفعول به أو نصب بنزع الخافض أي فأمن الذين مكروا السيئات أن يغيبهم الله تعالى في الأرض أو يغيبها بهم كما فعل بقارون * (أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون) * أي من الجهة التي لا شعور لهم بمجىء العذاب منها كجهة مأمنهم أو الجهة التي يرجون إتيان ما يشتهون منها، وقال البيضاوي: أي بغتة من جانب السماء كما فعل بقوم لوط، وكأن التخصيص بجانب السماء لأن ما يجىء منه لا يشعر به غالبا بخلاف ما يجىء من الأرض فإنه محسوس في الأكثر، ولعل اعتباره أوفق بالمقابلة، ويحتمل أن يكون مراده بما من جانب السماء ما لا يكون على يد مخلوق سواء نشأ من الأرض أو السماء كما قيل: دعها سماوية تجري على قدر فيكون مجازا، لكن قيل عليه: إنه لا يلائم المئال وإن كان لا يخصص.
* (أو يأخذهم فى تقلبهم فما هم بمعجزين) * .
* (أو يأخذهم) * أي العذاب أو الله تعالى ورجح الأول بالقرب والثاني بكثرة إسناد الأخذ إليه تعالى في القرآن العظيم مع أنه جل شأنه هو الفاعل الحقيقي له.
* (في تقلبهم) * أي حركتهم إقبالا وإدبارا، والمراد على ما أخرجه ابن جرير. وغيره عن قتادة، وروي عن ابن عباس في أسفارهم، وحمله على ذلك - قال الإمام -: مأخوذ من قوله تعالى: * (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد) * (آل عمران: 196) أو المراد في حال ما يتقلبون في قضاء مكرهم والسعي في تنفيذه، وقيل: المراد في حال تقلبهم على الفرش يمينا وشمالا، وهو في معنى ما جاء في رواية عن ابن عباس أيضا في منامهم، ولا أراه يصح.
وقال الزجاج: المراد ما يعم سائر حركاتهم في أمورهم ليلا أو نهارا والجمهور على الأول والأخذ في الأصل حوز الشيء وتحصيله، والمراد به القهر والإهلاك، والجار والمجرور إما في موضع الحال أو متعلق بالفعل قبله والأول أولى نظرا إلى أنه الظاهر في نظيره الآتي إن شاء الله تعالى لكن الظاهر فيما قبله الثاني * (فما هم بمعجزين) * بفائتين الله تعالى بالهرب والفرار على ما يوهمه حال التقلب والسير أو ما هم بممتنعين كما يوهمه مكرهم وتقلبهم فيه، والفاء قيل: لتعليل الأخذ أو لترتيب عدم الإعجاز عليه دلالة على شدته وفظاعته حسبما قال صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " والجملة الاسمية للدلالة على دوام النفي والتأكيد يعود إليه أيضا.
* (أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم) * .
* (أو يأخذهم على تخوف) * أي مخافة وحذر من الهلاك والعذاب بأن يهلك قوما قبلهم أو يحدث حالات