تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ١٠٨
كلهم متزوجين * (وإنك لتعلم ما نريد) * أي من إتيان الذكور، والظاهر أن * (ما) * مفعول لتعلم، وهو بمعنى تعرف، وهي موصولة والعائد محذوف أي الذي نريده، وقيل: إنها مصدرية فلا حذف أي إرادتنا.
وجوز أن تكون استفهامية وقعت مفعولا - لنريد - وهي حينئذ معلقة - لتعلم - ولما يئس عليه السلام من إرعوائهم عما هم عليه من الغي.
* (قال لو أن لى بكم قوة أو آوىإلى ركن شديد) * * (قال لو أن لي بكم قوة) * أي لو ثبت أن لي قوة ملتبسة بكم بالمقاومة على دفعكم بنفسي لفعلت - فلو - شرطية وجوابها محذوف كما حذف في قوله سبحانه: * (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال) * (الرعد: 31) وجوز أن تكون للتمني، و * (بكم) * حال من * (قوة) * كما هو المعروف في صفة النكرة إذا قدمت عليها، وضعف تعلقه بها لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه في المشهور، وقوله: * (أو ءاوى إلى ركن شديد) * عطف على ما قبله بناءا على ما علمت من معناه الذي يقتضيه مذهب المبرد، والمضارع واقع موقع الماضي، واستظهر ذلك أبو حيان، وقال الحوفي: إنه عطف على ما تقدم باعتبار أن المراد أو أنى آوى، وجوز ذلك أبو البقاء، وكذا جوز أن تكون الجملة مستأنفة، و - الركن - في الأصل الناحية من البيت أو الجبل، ويقال: ركن بضم الكاف، وقد قرىء به ويجمع على أركان، وأراد عليه السلام به القوى شبهه بركن الجبل في شدته ومنعته أي أو أنضم إلى قوى أتمنع به عنكم وأنتصر به عليكم، وقد عد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول منه عليه السلام بادرة واستغربه، فقد أخرج البخاري. ومسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " رحم الله تعالى أخي لوطا كان يأوي إلى ركن شديد " يعني عليه الصلاة والسلام به الله تعالى فإنه لا ركن أشد منه عز وجل: إذا كان غير الله للمرء عدة * أتته الرزايا من وجوه الفوائد وجاء أنه سبحانه - لهذه الكلمة - لم يبعث بعد لوط نبيا إلا في منعة من عشيرته، وفي " البحر " أنه يجوز - على رأي الكوفيين - أن تكون * (أو) * بمعنى بل ويكون عليه السلام قد أضرب عن الجملة السابقة، وقال: بل آوى في حالي معكم إلى ركن شديد وكني به عن جناب الله تعالى ولا يخفى أنه يأبى الحمل على هذه الكناية تصريح الأخبار الصحيحة بما يخالفها، وقرأ شيبة. وأبو جعفر * (آوى) * بالنصب على إضمار أن بعد * (أو) * فيقدر بالمصدر عطفا على * (قوة) * ونظير ذلك قوله: ولولا رجال من رزام أعزة * وآل سبيع أو أسوأك علقما أي لو أن لي بكم قوة أو أويا، روي أنه عليه السلام أغلق بابه دون أضيافه وأخذ يجادل قومه عنهم من وراء الباب فتسوروا الجدار فلما رأت الملائكة عليهم السلام ما على لوط من الكرب.
* (قالوا يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من اليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها مآ أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) * * (قالوا ي‍الوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك) * بضرر ولا مكروه فافتح الباب ودعنا وإياهم، ففتح الباب فدخلوا فاستأذن جبريل عليه السلام رب العزة في عقوبتهم فأذن له فلما دنوا طمس أعينهم فانطلقوا عميا يركب بعضهم بعضا وهم يقولون: النجاء النجاء فإن في بيت لوط قوما سحرة، وفي رواية أنه عليه السلام أغلق الباب على ضيفه فجاؤوا فكسروا الباب فطمس جبريل أعينهم فقالوا: يا لوط جئتنا بسحرة وتوعدوه فأوجس في نفسه خيفة قال: يذهب هؤلاء ويذروني فعندها قال جبريل عليه السلام: * (لا تخف إنا رسل ربك) * * (فأسر بأهلك) * بالقطع من الإسراء، وقرأ ابن كثير. ونافع بالوصل حيث جاء في القرآن من السرى، وقد جاء سرى.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»