المصدر بمعنى اسم الفاعل أي متمتعات، وضعف كونه بدلا إذ قد أمكن كونه صفة هذا وفي الآية من الزجر عن البغي ما لا يخفى. وقد أخرج أبو الشيخ. وأبو نعيم. والخطيب. والديلمي. وغيرهم عن أنس قال؛ " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث هن رواجع على أهلها المكر والنكث والبغي ثم تلا عليه الصلاة والسلام يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ".
وأخرج البيهقي الشعب عن أبي بكرة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من ذنب أجدر أن يعجل لصاحبه العقوبة من البغي وقطيعة الرحم. وأخرج أيضا من طريق بلال بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يبغي على الناس إلا ولد بغى أو فيه عرق منه ".
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس. وابن عمر رضي الله تعالى عنهم قالا: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو بغى جبل على جبل لدك الباغي منهما " وكأن المأمون يتمثل بهذين البيتين لأخيه.
يا صاحب البغي إن البغي مصرعة * فاربع فخير فعال المرء أعدله فلو بغى جبل يوما على جبل * لاندك منه أعاليه وأسفله وعقد ذلك الشهاب فقال: إن يعد ذو بغي عليك فخله * وارقب زمانا لانتقام باغي واحذر من البغي الوخيم فلو بغى * جبل على جبل لدك الباغي * (ثم إلينا مرجعكم) * عطف على ما مر من الجملة المستأنفة المقدرة كأنه قيل: تتمتعون متاع الحياة الدنيا ثم ترجعون إلينا، وإنما غير السبك إلى ما في النظم الكريم للدلالة على الثبات والقصر.
* (فينبئكم بما كنتم تعملون) * في الدنيا على الاستمرار من البغي فهو وعيد وتهديد بالحزاء والعذاب وقد تقدم الكلام في نظيره.
* (إنما مثل الحيواة الدنيا كمآء أنزلناه من السمآء فاختلط به نبات الارض مما يأكل الناس والانعام حتى إذآ أخذت الارض زخرفها وازينت وظن أهلهآ أنهم قادرون عليهآ أتاهآ أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس كذالك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) * * (إنما مثل الحياة الدنيا) * كلام مستأنف لبيان شأن الحياة الدنيا وقصر مدة التمتع فيها، وأصل المثل ما شبه مضربه بمورده ويستعار للأمر العجيب المستغرب، أي إنما حالها في سرعة تقضيها وانصرام نعيمها بعد إقبالها واغترار الناس بها * (كماء أنزلناه من السماء فاختلط به) * أي فكثر بسببه * (نبات الأرض) * حتى التف بعضه ببعض، فالباء للسببية ومنهم من أبقاها على المصاحبة، وجعل الاختلاط بالماء نفسه فإنه كالغذاء للنبات فيجري فيه ويخالطه والأول هو الذي يقتضيه كلام ابن عباس رضي الله تعالى عنهما * (مما يأكل الناس والأنعام) * كالبقول والزروع. والحشيش والمراعي، والجار والمجرور في موضع الحال من النبات * (حتى إذا أخذت الأرض) * أي استوفت واستكملت * (زخرفها) * أي حسنها وبهجتها * (وازينت) * بأصناف النبات وأشكالها وألوانها المختلفة. كأذيال خود أقبلت في غلائل * مصبغة والبعض أقصر من بعض وقد ذكر غير واحد أن في الكلام استعارة بالكناية حيث شبهت الأرض بالعروس وحذف المشبه به وأقيم المشبه مقامه وإثبات أخذ الزخرف لها تخييل وما بعده ترشيح، وقيل: الزخرف الذهب استعير للنضارة