تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١١ - الصفحة ١٢٤
* (والله يدعو إلى دار السلام) * وعو العالم الروحاني السليم من الآفات * (ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) * (يونس: 25) لا شعوب فيه وهو طريق الوحدة. وقد يقال: يدعو الجميع إلى داره. ويهدي خواص العارفين إلى وصاله. أو يدعو السالكين إلى الجنة ويبدي المجذوبين إلى المشاهدة * (للذين أحسنوا) * وهم خواص الخواص * (الحسنى) * وهي رؤية الله تعالى * (وزيادة) * وهي دوام الرؤية، أو للذين جاؤا بما يحسن به حالهم من خير قلبي أو قالبي، المثوبة الحسنة من الكمال الذي يفاض عليهم وزيادة في استعداد قبول الخير إلى ما كانوا عليه قبل، وقد يقال: الحسنى ما يقتضيه قرب النوافل والزيادة ما يقتضيه قرب الفرائض * (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) * أي لا يصيبهم غبار الخجالة ولا ذلك الفرقة * (أولئك أصحاب الجنة) * التي تقتضيها أفعالهم * (هم فيها خالدون) * (يونس: 26) ثم ذكر سبحانه حال الذين أساءوا بقوله جل شأنه: * (والذين كسبوا السيآت) * (يونس: 27) الخ وأشار إلى أنه على عكس حال أولئك الكرام * (ويوم نحشرهم جميعا) * في المجمع الأكبر * (ثم نقول للذين أشركوا) * منهم وهم المحجوبون الواقفون مع الغير بالمحبة والطاعة * (مكانكم أنتم وشركاؤكم) * قفوا جميعا وانتظروا الحكم * (فزيلنا بينهم) * أي قطعنا الأسباب التي كانت بينهم * (وقال شركاؤهم ما كنتم ايانا تعبدون) * (يونس: 28) بل كنتم تعبدون أشياء اخترعتموها في أوهامكم الفاسدة * (فكفي بالله شهيدا بيننا وبينكم ان كنا عن عبادتكم لغافلين) * (يونس: 29) لم نطلبها منكم لا بلسان حال ولا بلسان قال * (هنالك) * أي في ذلك الموقف * (تبلو كل نفس) * أي تذوق وتختبر * (ما أسلفت) * في الدنيا * (وردوا إلى الله مولاهم الحق) * المتولي لجزائهم بالعدل والقسط * (وضل عنهم ما كانوا يفترون) * (يونس: 30) من اختراعاتهم وتوهماتهم الكاذبة وأمانيهم الباطلة. ثم ذكر سبحانه مما يدل على التوحيد ما ذكر، والرزق من السماء عند العارفين هو رزق الأرواح ومن الأرض رزق الأشباح، والحي عندهم العارف والميت الجاهل * (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا) * (يونس: 36) ذم لهم بعدم العلم بما يجب لمولاهم وما يمتنع وما يجوز ولا يكاد ينجو من هذا الذم إلا قليل، ومنهم الذين عرفوه جل شأنه به لا بالفكر بل قد يكاد يقصر العلم عليهم فإن أدلة أهل الرسوم من المتكلمين وغيرهم متعارضة وكلماتهم متجاذبة فلا تكاد ترى دليلا سالما من قيل وقال ونزاع وجدال، والوقوف على علم من ذلك مع ذلك أمر أبعد من العيوق وأعز من بيض الانوق.
لقد طفت في تلك المعاهد كلها * وسرحت طرفي بين تلك المعالم فلم أر إلا واضعا كف حائر * على ذقن أو قارعا سن نادم فمن أراد النجاة فليفعل ما فعل القوم ليحصل له ما حصل لهم أولا فليتبع السلف الصالح فيما كانوا عليه في أمر دينهم غير مكترث بمقالات الفلاسفة ومن حذا حذوهم من المتكلمين التي لا تزيد طالب الحق إلا شكا * (وما كان هذا القرآن أن يفتري من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه) * من اللوح المحفوظ * (وتفصيل الكتاب) * (يونس: 37) الذي هو الأم، أي كيف يكون مختلقا وقد أثبت قبله في كتابين مفصلا ومجملا * (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله) * (يونس: 39) ذم لهم بالمسارعة إلى تكذيب الحق قبل التأمل والتدبر والاطلاع على الحقيقة وهذه عادة المنكرين أهل الحجاب مع كلمات القوم حيث أنهم يسارعون إلى إنكارها قبل التأمل فيها وتدبر مضامينها والوقوف على الاصطلاحات التي ينبت عليها وكان الحرى بهم التثبت والتدبر
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»