تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١١ - الصفحة ١٠٦
افتحي الباب وانظري في النجو * كم علينا من قطع ليل بهيم وعلى هذا يجوز أن يكون * (مظلما) * صفة له أو حالا منه بلا تكلف تأويل. وقرىء. * (كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل مظلم) * والكلام فيه ظاهر، والجملة كالتي قبلها مستأنفة أو حال من ضمير * (ترهقهم) * * (أول‍ائك) * أي الموصوفون بما ذكر من الصفات الذميمة * (أصحاب النار هم فيها خالدون) * لا يخرجون منها أبدا واحتجت الوعيدية بهذه الآية على قولهم الفاسد بخلود أهل الكبائر. وأجيب بأن السيآت شاملة للكفر وسائر المعاصي وقد قامت الأدلة على أنه لا خلود لأصحاب المعاصي فخصصت الآية بمن عداهم، وأيضا قد يقال انهم داخلون في الذين أحسنوا بناء على ما أخرج ابن جرير. وابن المنذر. وغيرهما عن ابن عباس وأبو الشيخ عن قتادة أنهم الذين شهدوا أن لا إله إلا الله أي المؤمنون مطلقا فلا يدخلون في القسم الآخر لتنافي الحكمين، وقيل: إن أل في السيئات للاستغراق فالمراد من عمل جميع ذلك؛ والقول بخلوده في النار مجمع عليه وليس بذاك.
* (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركآؤكم فزيلنا بينهم وقال شركآؤهم ما كنتم إيانا تعبدون) * * (ويوم نحشرهم) * كلام مستأنف مسوق لبيان بعض آخر من أحوالهم الفظيعة، وتأخيره في الذكر مع تقدمه في الوجود على بعض أحوالهم المحكية سابقا كما قال بعض المحققين للإيذان باستقلال كل من السابق واللاحق بالاعتبار ولو روعي الترتيب الخارجي لعد الكل شيئا واحدا ولذلك فصل عما قبله، وزعم الطبرسي أنه تعالى لما قدم ذكر الجزاء بين بهذا وقت ذلك، وعليه فالآية متصلة بما ذكر آنفا لكن لا يخفى أن ذلك لم يخرج مخرج البيان، وأولى منه أن يقال: وجه اتصاله بما قبله أن فيه تأكيدا لقوله سبحانه: * (ما لهم من الله من عاصم) * من حيث دلالته على عدم نفع الشركاء لهم. و * (يوم) * منصوب بفعل مقدر كذكرهم وخوفهم، وضمير * (نحشرهم) * لكلا الفريقين من الذين أحسنوا الحسنى والذين كسبوا السيآت لأنه المتبادر من قوله تعالى: * (جميعا ومن أفراد الفريق الثاني بالذكر في قوله سبحانه: * (ثم نقول للذين أشركوا) * أي للمشركين من بينهم ولأن توبيخهم وتهديدهم على رؤوس الاشهاد أفظع، والأخبار بحشر الكل في تهويل اليوم ادخل، وإلى هذا ذهب القاضي البيضاوي وغيره، وكون مراده بالفريقين فريقي الكفار والمشركين خلاف الظاهر جدا. وقيل: الضمير للفريق الثاني خاصة فيكون الذين أشركوا من وضع الموصول موضع الضمير. والنكتة في تخصيص وصف إشراكهم في حيز الصلة من بين سائر ما اكتسبوه من السيئات ابتناء التوبيخ والتقريع عليه مع ما فيه من الإيذان بكونه معظم جناياتهم وعمدة سيئاتهم، وهو السر في الاظهار في مقام الإضمار على القول الأخير * (مكانكم) * ظرف متعلق بفعل حذف فسد هو مسده وهو مضاف إلى الكاف، والميم علامة الجمع أي الزموا مكانكم. والمراد انتظروا حتى تنظروا ما يفعل بكم. وعن أبي علي الفارسي أن مكان اسم فعل وحركته حركة بناء. وهل هو اسم فعل لالزم أو لاثبت ظاهر كلام بعضهم الأول والمنقول عن شرح التسهيل الثاني لأنه على الأول يلزم أن يكون متعديا كالزم مع أنه لازم، وأجيب بمنع اللزوم، وقال السفاقسي: في كلام الجوهري ما يدل على أن الزم يكون لازما ومتعديا فلعل ما هو اسم له اللازم: وذكر الكوفيون
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»