إلى النقمة لطلبهم إياها بلسان الاستعداد وإلا فالله تعالى أكرم من أن يسلب نعمة شخص مع بقاء استحقاقها فيه.
* (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا) * لجهلهم بربهم وعصيانهم له دون سائر الدواب * (فهم لا يؤمنون) * لغلبة شقاوتهم ومزيد عتوهم وغيهم * (الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة) * من مرات المعاهدة لأن ذلك شنشنة فيهم مع مولاهم، ألا ترى كيف نقضوا عهد التوحيد الذي أخذ منهم في منزل * (ألست بربكم) * * (وهم لا يتقون) * العار ولا النار * (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) * قال أبو علي الروزباري: القوة هي الثقة بالله تعالى، وقال بعضهم: هي الرمي بسهام التوجه إلى الله تعالى عن قسي الخضوع والاستكانة * (هو الذي أيدك بنصره) * الذي لم يعهد مثله * (وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم) * بجذبها إليه تعالى وتخليصها مما يوجب العداوة والبغضاء، أو لكشفه سبحانه لها عن حجب الغيب حتى تعارفوا فيه والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف * (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) * لصعوبة الأمر وكثافة الحجاب * (ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) * والتأليف من آثار ذلك والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
* (ياأيها النبى حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) *.
* (يا أيها النبي) * شروع في بيان كفايته تعالى إياه عليه الصلاة والسلام في جميع أموره وحده أو مع أمور المؤمنين أو في الأمور المتعلقة بالكفار كافة إثر بيان الكفاية في مادة خاصة؛ وتصدير الجملة بحرفي النداء والتنبيه للنداء والتنبيه على الاعتناء بمضمونها، وإيراده عليه الصلاة والسلام بعنوان النبوة للإشعار بعلية الحكم كأنه قيل: يا أيها النبي * (حسبك الله) * أي كافيك في جميع أمورك أو فيما بينك وبين الكفرة من الحراب لنبوتك.
* (ومن اتبعك من المؤمنين) * قال الزجاج: في محل النصب على المفعول معه كقوله على بعض الروايات: فحسبك والضحاك سيف مهند * إذا كانت الهيجاء واشتجر القنا وتعقبه أبو حيان بأنه مخالف لكلام سيبويه فإنه جعل زيدا في قولهم: حسبك وزيدا درهم منصوبا بفعل مقدر أي وكفى زيدا درهم وهو من عطف الجمل عنده انتهى، وأنت تعلم أن سيبويه كما قال ابن تيمية لأبي حيان لما احتج عليه بكلامه حين أنشد له قصيدة فغلطه فيها ليس نبي النحو فيجب اتباعه، وقال الفراء: إنه يقدر نصبه على موضع الكاف، واختاره ابن عطية، وورده السفاقسي بأن إضافته حقيقية لا لفظية فلا محل له اللهم إلا أن يكون من عطف التوهم وفيه ما فيه.
وجوز أن يكون في محل الجر عطفا على الضمير المجرور وهو جائز عند الكوفيين بدون إعادة الجار ومنعه البصريون بدون ذلك لأنه كجزء الكلمة فلا يعطف عليه، وأن يكون في محل رفع إما على أنه مبتدأ والخبر محذوف أي ومن اتبعك من المؤمنين كذلك أي حسبهم الله تعالى، وإما على أنه خبر مبتدأ محذوف أي وحسبك من اتبعك، وإما على أنه عطف على الاسم الجليل واختاره الكسائي. وغيره. وضعف بأن الواو للجمع ولا يحسن ههنا كما لم يحسن في ما شاء الله تعالى وشئت والحسن فيه ثم وفي الإخبار ما يدل عليه اللهم إلا أن يقال بالفرق بين وقوع ذلك منه تعالى وبين وقوعه منا. والآية على ما روي عن الكلبي نزلت في البيداء في غزوة بدر قبل القتال، والظاهر شمولها للمهاجرين والأنصار. وعن الزهري أنها نزلت في الأنصار.
وأخرج الطبراني. وغيره عن ابن عباس. وابن المنذر عن ابن جبير. وأبو الشيخ عن ابن المسيب أنها نزلت يوم أسلم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه مكملا أربعين مسلما ذكورا وإناثا هن ست وحينئذ تكون مكية.