تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٧ - الصفحة ٨
من جملتها توحيد الذات * (ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا) * بالدليل وبواسطة الرياضة * (من الحق) * الذي أنزل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم * (يقولون ربنا ءامنا بذلك فاكتبنا مع الشاهدين) * (المائدة: 83) المعاينين لذلك * (وما لنا لا نؤمن بالله) * جمعا * (وما جاءنا من الحق) * تفصيلا * (ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين) * (المائدة: 84) الذين استقاموا بالبقاء بعد الفناء * (فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار) * من التجليات الثلاث مع علومها * (وذلك جزاء المحسنين) * (المائدة: 85) المشاهدين للوحدة في عين الكثرة بالاستقامة في الله عز وجل: * (والذين كفروا) * أي حجبوا عن الذات * (وكذبوا بآياتنا) * الدالة على التوحيد * (أولئك أصحاب الجحيم) * (المائدة: 86) لحرمانهم الكلي واحتجابهم بنفوسهم وصفاتها والله تعالى الموفق.
* (ياأيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيب‍ات مآ أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) *.
* (يا أيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) * أي لذائذ ذلك وما تميل إليه القلوب منه كأنه لما تضمن ما سلف من مدح النصارى على الرهبانية ترغيب المؤمنين في كسر النفس ورفض الشهوات عقب سبحانه ذلك بالنهي عن الإفراط في هذا الباب أي لا تمنعوها أنفسكم كمنع التحريم، وقيل: لا تلتزموا تحريمها بنحو يمين، وقيل: لا تقولوا حرمناها على أنفسنا مبالغة منكم في العزم على تركها تزهدا منكم، وكون المعنى لا تحرموها على غيركم بالفتوى والحكم مما لا يلتفت إليه. فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما فذكر الناس ووصف القيامة فرق الناس وبكوا واجتمع عشرة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيت عثمان بن مظعون الجمحي وهم علي كرم الله تعالى وجهه، وأبو بكر رضي الله تعالى عنه وعبد الله بن مسعود، وأبو ذر الغفاري، وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن عمر والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي ومعقل بن مقرن، وصاحب البيت واتفقوا على أن يصوموا النهار ويقوموا الليل ولا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم ولا الودك ولا يقربوا النساء والطيب ويلبسوا المسوح ويرفضوا الدنيا ويسيحوا في الأرض وهم بعضهم أن يجب مذاكيره فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى دار عثمان فلم يصادفه فقال لامرأته أم حكيم: أحق ما بلغني عن زوجك وأصحابه؟ فكرهت أن تنكر إذ سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرهت أن تبدي على زوجها فقالت: يا رسول الله إن كان أخبرك عثمان فقد صدقك وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دخل عثمان فأخبرته بذلك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه فقال عليه الصلاة والسلام لهم: انبئت أنكم اتفقتم على كذا وكذا قال: نعم يا رسول الله وما أردنا إلا الخير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أومر بذلك ثم قال عليه الصلاة والسلام: " إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " ثم جمع الناس وخطبهم فقال: " ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهبانا فإنه ليس في ديني ترك اللحم والنساء ولا اتخاذ الصوامع وإن سياحة أمتي الصوم ورهبانيتهم الجهاد أعبدوا الله تعالى ولا تشركوا به شيئا وحجوا واعتمروا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان واستقيموا يستقم لكم فإنما هلك من قبلكم بالتشديد شددوا على أنفسهم فشدد الله تعالى عليهم فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع " فأنزل الله تعالى هذه الآية. وروي عن أبي عبد الله رضي الله عنه أن الآية نزلت في علي كرم الله تعالى وجهه وبلال وعثمان بن مظعون فأما علي كرم الله تعالى وجهه فإنه حلف أن لا ينام بالليل أبدا إلا ما شاء الله تعالى، وأما بلال
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»