تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٩
مكي تصريفه كمذهب الأخفش إذ أبدل الهمزة ياء ثم حذفت إحدى الياءين وحسن حذفها من الجمع حذفها من المفرد لكثرة الاستعمال وعدم الصرف لهمزة التأنيث الممدودة، وهو حسن إلا أنه يرد عليه كما ورد على الأخفش مع إيرادات أخر، وقيل غير ذلك، وللشهاب عليه الرحمة:
أشياء لفعاء في وزن وقد قلبوا * لاما لها وهي قبل القلب شيئاء وقيل أفعال لم تصرف بلا سبب * منهم وهذا لوجه الرد إيماء أو أشياء وحذف اللام من ثقل * وشيء أصل شيء وهي آراء وأصل أسماء اسما وكمثل كسا * فاصرفه حتما ولا تغررك أسماء واحفظ وقل للذي ينسى العلا سفها * حفظت شيئا وغابت عنك أشياء وظاهر صنيعه كغيره يشير إلى اختيار مدهب الخليل وسيبويه، وقال غير واحد: إنه الأظهر لقولهم في جمعها أشاوى فجمعوها كما جمعوا صحراء على صحارى، وأصله كما قال ابن الشجري أشايا بالياء لظهورها في أشياء لكنهم أبدلوها واوا على غير قياس كإبدالها واوا في قولهم جبيت الخراج جباوة، وأيضا يدل على أنها مفرد قولهم في تحقيرها أشيئاء كصحيراء ولو كانت جمعا لقالوا شيآت على ما تقدمت الإشارة، وتمام البحث في " أمالي ابن الشجري.
* (إن تبد لكم تسؤكم) * صفة لأشياء داعية إلى الانتهاء عن السؤال عنها، وعطف عليها قوله سبحانه: * (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرءان تبد لكم) * أي بالوحي كما ينبىء عنه تقييد السؤال بحين نزول القرآن لأن المساءة في الشرطية الأولى معلقة بإبداء تلك الأشياء لا بالسؤال عنها فعقبها جل شأنه بما هو ناطق باستلزام السؤال عنها لإبدائها الموجب للمحذور، فضمير * (عنها) * راجع إلى تلك الأشياء وليس على حد عندي درهم ونصفه كما وهم، والمراد بها ما لا خير لهم فيه من نحو التكاليف الصعبة التي لا يطيقونها والأسرار الخفية التي قد يفتضحون بها، فكما أن السؤال عن الأمور الواقعة مستتبع لإبدائها كذلك السؤال عن تلك التكاليف مستتبع لإيجابها عليهم بطريق التشديد لإساءتهم الأدب وتركهم ما هو الأولى بهم من الاستسلام لأمر الله تعالى من غير بحث فيه ولا تعرض لكيفيته وكميته ففي " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس قد فرض الله تعالى عليكم الحج فحجوا " فقال رجل - وهو كما قال ابن الهمام الأقرع بن حابس، وصرح به أحمد والدارقطني والحاكم في حديث صحيح رووه على شرط الشيخين " أكل عام يا رسول الله فسكت عليه الصلاة والسلام حتى قالها ثلاثا فقال صلى الله عليه وسلم: لو قلت: نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال صلى الله عليه وسلم: ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه " وذكر كما قال ابن حبان أن الآية نزلت لذلك.
وأخرج مسلم وغيره أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه في المسألة فصعد ذات يوم المنبر وقال: " لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم فلما سمعوا ذلك أزموا ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر قال أنس رضي الله تعالى عنه: فجعلت أنظر يمينا وشمالا فإذا كل رجل لاف رأسه في ثوبه يبكي فأنشأ رجل كان إذا لاحى يدعى إلى غير أبيه فقال: يا رسول الله من أبي؟ قال: أبوك حذافة، ثم أنشأ عمر رضي الله تعالى عنه فقال: رضينا بالله تعالى ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا نعوذ بالله تعالى من الفتن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»