عذبه وإن شاء غفر له. وأخرج ابن جرير عن الحسن ومجاهد نحو ذلك، و * (من) * يجوز أن تكون شرطية وهو الظاهر؛ ويجوز أن تكون موصولة.
والفاء في قوله تعالى: * (فجزاء مثل معا قتل) * جزائية على الأول وزائدة لشبه المبتدأ بالشرط الثاني. و (جزاء) بالرفع والتنوين مبتدأ و * (مثل) * مرفوع على أنه صفته والخبر محذوف أي فعليه، وجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي فواجبه أو فالواجب عليه جزاء مماثل لما قتله. وجوز أبو البقاء أن يكون * (مثل) * بدلا؛ والزجاج أن يكون (جزاء) مبتدأ و * (مثل) * خبره إذ التقدير جزاء ذلك الفعل أو المقتول مماثل لما قتله، وبهذا قرأ الكوفيون ويعقوب؛ وقرأ باقي السبعة برفع (جزاء) مضافا إلى * (مثل) *. واستشكل ذلك الواحدي بل قال: ينبغي أن لا يجوز لأن الجزاء الواجب للمقتول لا لمثله. ولا يخفى أن هذا طعن في المنقول المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك غاية في الشناعة، وما ذكر مجاب عنه، أما أولا فبأن (جزاء) كما قيل مصدر مضاف لمفعوله الثاني أي فعليه أن يجزي مثل ما قتل ومفعوله الأول محذوف والتقدير فعليه أن يجزي المقتول من الصيد مثله ثم حذف المفعول الأول لدلالة الكلام عليه وأضيف المصدر إلى الثاني، وقد يقال لا حاجة إلى ارتكاب هذه المؤنة بأن يجعل مصدرا مضافا إلى مفعوله من غير تقدير مفعول آخر على أن معنى أن يجزي مثل أن يعطي المثل جزاء، وأما ثانيا فبأن تجعل الإضافة بيانية أي جزاء هو مثل ما قتل، وأما ثالثا فبأن يكون * (مثل) * مقحما كما في قولهم: مثلك لا يفعل كذا. واعترض هذا بأنه يفوت عليه اشتراط الممائلة بين الجزاء والمقتول وكون جزائه المحكوم به ما يقاومه ويعادله وهو يقتضي الممائلة مما لا يكاد يسلم انفهامه من هذه الجملة كما لا يخفى. وقرأ محمد بن مقاتل بتنوين (جزاء) ونصبه ونصب * (مثل) * أي فليجز جزاء أو فعليه أن يجزي جزاء مثل ما قتل، وقرأ السلمي برفع (جزاء) منونا ونصب * (مثل) * أما رفع (جزاء) فظاهر وأما نصب (مثل) فبجزاء أو بفعل محذوف دل جزاء عليه أي يخرج أو يؤدي مثل. وقرأ عبد الله * (فجزاؤه) * برفع جزاء مضافا إلى الضمير ورفع (مثل) على الابتداء والخبرية. والمراد عند الإمام الأعظم وأبي يوسف المثل باعتبار القيمة يقوم الصيد من حيث إنه صيد لا من حيث ما زاد عليه بالصنع في المكان الذي أصابه المحرم فيه أو في أقرب الأماكن إليه مما يباع فيه ويشرى وكذا يعتبر الزمان الذي أصابه فيه لاختلاف القيم باختلاف الأمكنة والأزمنة فإن بلغت قيمته قيمة هدي يخير الجاني بين أن يشتري بها ما قيمته قيمة الصيد فيهديه إلى الحرم وبين أن يشتري بها طعاما فيعطي كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من غيره، ولا يجوز أن يطعم مسكينا أقل من نصف صاع ولا يمنع أن يعطيه أكثر ولو كان كل الطعام غير أنه إن فعل أجزأ عن إطعام مسكين نصف صاع وعليه أن يكمل بحسابه ويقع الباقي تطوعا وبين أن يصوم عن طعام كل مسكين يوما فإن فضل ما لا يبلغ طعام مسكين تصدق به أو صام عنه يوما كاملا لأن الصوم أقل من يوم لم يعهد في الشرع وإن لم تبلغ قيمته قيمة هدي فإن بلغت ما يشتري به طعام مسكين يخير بين الإطعام والصوم وإن لم تبلغ إلا ما يشتري به مدا من الحنطة مثلا يخير بين أن يطعم ذلك المقدار وبين أن يصوم يوما كاملا لما قلنا فيكون قوله تعالى: * (من النعم) * تفسيرا للهدي المشتري بالقيمة على أحد وجوه التخيير فإن من فعل ذلك يصدق عليه أنه جزى بمثل ما قتل من النعم. ونظر فيه صاحب " التقريب " لأن قراءة رفع (جزاء) و (مثل) تقتضي أن يكون الجزاء مماثلا من النعم للصيد فإن كان الجزاء القيمة فليس مماثلا له منها بل الجزاء قيمة يشتري بها مماثل. وأجاب في