* (وهو في الآخرة من الخاسرين) * أي الهالكين، والآية تذييل لقوله تعالى: * (اليوم أحل لكم الطيبات) * الخ تعظيما لشأن ما أحله الله تعالى وما حرمه، وتغليظا على من خالف ذلك، فحمل الإيمان على المعنى المصدري وتقدير مضاف - كما قيل أي بموجب الإيمان وهو الله تعالى - ليس بشيء، وإن أشعر به كلام مجاهد، وضمير الرافع مبتدأ، و * (من الخاسرين) * خبره، و * (في) * متعلقة بما تعلق به الخبر من الكون المطلق، وقيل: بمحذوف دل عليه المذكور أي خاسرين في الآخرة، وقيل: بالخاسرين على أن أل معرفة لا موصولة لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها، وقيل: يغتفر في الظرف ما لا يغتفر في غيره كما في قوله:
ربيته حتى إذا ما تمعددا * كان جزائي بالعصا أن أجلدا هذا ومن باب الإشارة في الآيات: * (يا أيها الذين آمنوا) * بالإيمان العلمي * (أوفوا بالعقود) * أي بعزائم التكليف، وقال أبو الحسن الفارسي: أمر الله تعالى عباده بحفظ النيات في المعاملات، والرياضات في المحاسبات، والحراسة في الخطرات، والرعاية في المشاهدات، وقال بعضهم: * (أوفوا بالعقود) * عقد القلب بالمعرفة، وعقد اللسان بالثناء، وعقد الجوارح بالخضوع، وقيل: أول عقد عقد على المرء عقد الإجابة له سبحانه بالربوبية وعدم المخالفة بالرجوع إلى ما سواه، والعقد الثاني عقد تحمل الأمانة وترك الخيانة * (أحلت لكم بهيمة الأنعام) * أي أحل لكم جميع أنواع التمتعات والحظوظ بالنفوس السليمة التي لا يغلب عليها السبعية والشره * (إلا ما يتلى عليكم) * من التمتعات المنافية للفضيلة والعدالة * (غير محلي الصيد وأنتم حرم) * أي لا متمتعين بالحظوظ في حال تجردكم للسلوك وقصدكم كعبة الوصال وتوجهكم إلى حرم صفات الجمال والجلال * (إن الله يحكم ما يريد) * (المائدة: 1) فليرض السالك بحكمه ليستريح، ويهدي إلى سبيل رشده * (يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله) * من المقامات والأحوال التي يعلم بها السالك إلى حرم ربه سبحانه من الصبر والتوكل والشكر ونحوها أي لا تخرجوا عن حكمها * (ولا الشهر الحرام) * وهو وقت الحج الحقيقي وهو وقت السلوك إلى ملك الملوك، وإحلاله بالخروج عن حكمه والاشتغال بما ينافيه * (ولا الهدي) * وهو النفس المستعدة المعدة للقربان عند الوصول إلى الحضرة، وإحلالها باستعمالها بما يصرفها، أو تكليفها بما يكون سبب مللها * (ولا القلائد) * وهي ما قلدته النفس من الأعمال الشرعية التي لا يتم الوصول إلا بها، وإحلالها بالتطفيف بها وعدم إيقاعها على الوجه الكامل * (ولا آمين البيت الحرام) * وهم السالكون، وإحلالهم بتنفيرهم وشغلهم بما يصدهم أو يكسلهم * (يبتغون فضلا من ربهم) * بتجليات الأفعال * (ورضوانا) * بتجليات الصفات، * (وإذا حللتم فاصطادوا) * أي إذا رجعتم إلى البقاء بعد الفناء فلا جناح عليكم في التمتع * (ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا) * أي لا يكسبنكم بغض القوى النفسانية بسبب صدها إياكم عن السلوك أن تعتدوا عليها، وتقهروها بالكلية فتتعطل أو تضعف عن منافعها، أو لا يكسبنكم بغض قوم من أهاليكم أو أصدقائكم بسبب صدهم إياكم أن تعتدوا عليهم بمقتهم وإضرارهم وإرادة الشر لهم * (وتعاونوا على البر والتقوى) * بتدبير تلك القوى وسياستها، أو بمراعاة الأهل والأصدقاء والإحسان إليهم * (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) * فإن ذلك يقطعكم عن الوصول، وعن سهل أن البر الايمان (والتقوى) السنة (والإثم) الكفر (والعدوان) البدعة، وعن الصادق رضي الله تعالى عنه البر