تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٦ - الصفحة ٦٨
الإيمان والتقوى الإخلاص والإثم الكفر والعدوان المعاصي، وقيل: البر ما توافق عليه العلماء من غير خلاف والتقوى مخالفة الهوى والإثم طلب الرخص * (والعدوان) * التخطي إلى الشبهات * (واتقوا الله) * في هذه الأمور * (إن الله شديد العقاب) * (المائدة: 2) فيعاقبكم بما هو أعلم * (حرمت عليكم الميتة) * وهي خمود الشهوة بالكلية فإنه رذيلة التفريط المنافية للعفة * (والدم) * وهو التمتع بهوى النفس * (ولحم الخنزير) * أي وسائر وجوه التمتعات بالحرص والشره وقلة الغيرة * (وما أهل لغير الله به) * من الأعمال التي فعلت رياءا وسمعة * (والمنخنقة) * وهي الأفعال الحسنة صورة مع كمون الهوى فيها، * (والموقوذة) * وهي الأفعال التي أجبر عليها الهوى (والمتردية) وهي الأفعال المائلة إلى التفريط والنقصان (والنطيحة) وهي الأفعال التي تصدر خوف الفضيحة وزجر المحتسب مثلا * (وما أكل السبع) * وهي الأفعال التي هي من ملائمات القوة الغضبية من الأنفة والحمية النفسانية * (إلا ما ذكيتم) * من الأفعال الحسنة التي تصدر بإرادة قلبية لم يمازجها ما يشينها * (وما ذبح على النصب) * وهو ما يفعله أبناء العادات لا لغرض عقلي أو شرعي * (وأن تستقسموا بالأزلام) * بأن تطلبوا السعادة والكمال بالحظوظ والطوالع وتتركوا العمل وتقولوا: لو كان مقدرا لنا لعملنا فإنه ربما كان القدر معلقا بالسعي * (ذلكم فسق) * خروج عن الدين الحق لأن فيه الأمر والنهي، والإتكال على المقدر بجعلهما عبثا * (اليوم) * وهو وقت حصول الكمال * (يئس الذين كفروا من دينكم) * بأن يصدوكم عن طريق الحق * (فلا تخشوهم) * فإنهم لا يستولون عليكم بعد * (واخشون) * لتنالوا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر * (اليوم أكملت لكم دينكم) * ببيان ما بينت * (وأتممت عليكم نعمتي) * بذلك أو بالهداية إلي * (ورضيت لكم الإسلام) * أي الانقياد للانمحاء * (دينا فمن اضطر) * إلى تناول لذة في * (مخمصة) *، وهي الهيجان الشديد للنفس * (غير متجانف لإثم) * غير منحرف لرذيلة * (فإن الله غفور رحيم) * (المائدة: 3) فيستر ذلك ويرحم بمدد التوفيق. * (يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات) * من الحقائق التي تحصل لكم بعقولكم وقلوبكم وأرواحكم * (وما علمتم من الجوارح) * وهي الحواس الظاهرة والباطنة وسائر القوى والآلات البدنية * (مكلبين) * معلمين لها على اكتساب الفضائل * (تعلمونهن مما علمكم الله) * من علوم الأخلاق والشرائع * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * مما يؤدي إلى الكمال * (واذكروا اسم الله عليه) * (المائدة: 4) بأن تقصدوا أنه أحد أسباب الوصول إليه عز شأنه لا أنه لذة نفسانية * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) * وهو مقام الفرق والجمع * (وطعامكم حل لهم) * فلا عليكم أن تطعموهم منه بأن تضموا لأهل الفرق جمعا، ولأهل الجمع فرقا * (والمحصنات من المؤمنات) * وهي النفوس المهذبة الكاملة * (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن) * أي حقوقهن من الكمال اللائق بهن وألحقتموهن بالمحصنات من المؤمنات * (محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) * بل قاصدين تكميلهن واستيلاء الآثار النافعة منهن لا مجرد الصحبة وإفاضة ماء المعارف من غير ثمرة * (ومن يكفر بالإيمان) * بأن ينكر الشرائع والحقائق ويمتنع من قبولها * (فقد حبط عمله) * بإنكاره الشرائع * (وهو في الآخرة من الخاسرين) * (المائدة: 5) بإنكاره الحقائق، والظاهر عدم التوزيع، والله تعالى أعلم بمراده، وهو الموفق للصواب..
* (ي‍اأيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلواة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضىأو على سفر أو جآء أحد منكم من الغائط أو ل‍امستم النسآء فلم تجدوا مآء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ول‍اكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) *.
* (يا أيها الذين ءامنوا) * شروع في بيان الشرائع المتعلقة بدينهم بعد بيان ما يتعلق بدنياهم، ووجه التقديم والتأخير ظاهر * (إذا قمتم إلى الصلواة) * أي إذا أردتم القيام إليها والاشتغال بها، فعبر عن إرادة الفعل بالفعل المسبب عنها مجازا، وفائدته الإيجاز والتنبيه
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»