بمعنى عدل لا غير حكاه ابن القطاع - وعليه لا حاجة إلى رأي سيبويه في أقسط - وقيل: هو من قسط بوزن كرم بمعنى صار ذا قسط أي عدل، وإنما صحت الواو في أقوم ولم يقل أقام لأنها لم تقلب في فعل التعجب نحو ما أقومه لجموده إذ هو لا يتصرف وأفعل التفضيل يناسبه معنى فحمل عليه * (وأدنى ألا ترتابوا) * أي أقرب إلى انتفاء ريبكم وشككم في جنس الدين وقدره وأجله ونحو ذلك، قيل: وهذا حكمة خلق اللوح المحفوظ، والكرام الكاتبين مع أنه الغني الكامل عن كل شيء تعليما للعباد وإرشادا للحكام، وحرف الجر مقدر هنا - وهو إلى كما سمعت - وقيل: اللام، وقيل: من، وقيل في، ولكل وجهة * (إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم) * استثناء منقطع من الأمر بالكتابة فقوله تعالى: * (فليكتب بينكم كاتب بالعدل) * إلى هنا جملة معترضة بين المستثنى والمستثنى منه أي لكن وقت كون تداينكم أو تجارتكم تجارة حاضرة بحضور البدلين تديرونها بينكم بتعاطيها يدا بيد - كذا قيل -. وفي " الدر المصون " يجوز أن يكون استثناءا متصلا من الاستشهاد فيكون قد أمر بالاستشهاد في كل حال إلا في حال حضور التجارة، وقيل: إنه استثناء من هذا وذاك وهو منقطع أيضا أي لكن التجارة الحاضرة يجوز فيها عدم الاستشهاد والكتابة؛ وقيل: غير ذلك - ولعل الأول أولى - ونصب عاصم (تجارة) على أنها خبر (تكون) واسمها مستتر فيها يعود إلى التجارة - كما قال الفراء - وعود الضمير في مثل ذلك على متأخر لفظا ورتبة جار في فصيح الكلام، وقال بعضهم: يعود إلى المداينة والمعاملة المفهومة من الكلام، وعليه فالتجارة مصدر لئلا يلزم الإخبار عن المعنى بالعين، ورفعها الباقون على أنها اسم * (تكون) * والخبر جملة * (تديرونها) * ويجوز أن تكون * (تكون) * تامة فجملة * (تديرونها) * صفة.
* (فليس عليكم جناح ألا تكتبوها) * أي فلا مضرة عليكم أو لا إثم في عدم كتابتكم لها لبعد ذلك عن التنازع والنسيان، أو لأن في تكليفكم الكتابة حينئذ مشقة جدا وإدخال الفاء للإيذان بتعلق ما بعدها بما قبلها * (وأشهدوا إذا تبايعتم) * أي هذا التبايع المذكور أو مطلقا * (ولا يضار كاتب ولا شهيد) * نهي عن المضارة - والفعل يحتمل البناء للفاعل والبناء للمفعول - والدليل عليه قراءة عمر رضي الله تعالى عنه - ولا يضار - بالفك والكسر، وقراءة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بالفك والفتح - والمعنى على الأول: - نهي الكاتب والشاهد عن ترك الإجابة إلى ما يطلب منهما وعن التحريف والزيادة والنقصان، وعلى الثاني: النهي عن الضرار بهما بأن يعجلا عن مهم أو لا يعطي الكاتب حقه من الجعل أو يحمل الشاهد مؤونة المجىء من بلد، ويؤيد هذا المعنى ما أخرجه ابن جرير عن الربيع قال: لما نزلت هذه الآية * (ولا يأب كاتب) * الخ كان أحدهم يجىء إلى الكاتب فيقول: اكتب لي فيقول: إني مشغول أو لي حاجة فانطلق إلى غيري فيلزمه ويقول: إنك قد أمرت أن تكتب لي فلا يدعه ويضاره بذلك، وهو يجد غيره فأنزل الله تعالى: * (ولا يضار كاتب ولا شهيد) * وحمل بعضهم الصيغة على المعنيين وليس بشيء كما لا يخفى، وقرأ الحسن - ولا يضار - بالكسر. وقرىء بالرفع على أنه نفي بمعنى النهي * (وإن تفعلوا) * ما نهيتم عنه من الضرار أو منه ومن غيره وبعيد وقوعه منكم * (فإنه) * أي ذلك الفعل * (فسوق بكم) * أي خروج عن طاعة متلبس بكم، وجوز كون الباء للظرفية، قيل: وهو أبلغ إذ جعلوا محلا للفسق * (واتقوا الله) * فيما أمركم به ونهاكم عنه * (ويعلمكم الله) * أحكامه المتضمنة لمصالحكم * (والله بكل شيء عليم) * فلا يخفى عليه حالكم وهو مجازيكم بذلك فإن قيل: كيف كرر سبحانه الاسم الجليل في الجمل الثلاث وقد استكرهوا مثل قوله: