الإحرام قبله، فلو قدم الإحرام انعقد حجا مع الكراهة، وعند الشافعي رضي الله تعالى عنه يصير محرما بالعمرة، ومدار الخلاف أنه ركن عنده - وشرط عندنا - فأشبه الطهارة في جواز التقديم على الوقت، والكراهة جاءت للشبهة، فعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج ".
* (فلا رفث) * أي لا جماع، أو لا فحش من الكلام * (ولا فسوق) * ولا خروج عند حدود الشرع بارتكاب المحظورات، وقيل: بالسباب والتنابز بالألقاب * (ولا جدال) * ولا خصام مع الخدم والرفقة. * (في الحج) * أي في أيامه، والإظهار في مقام الإضمار لإظهار كمال الاعتناء بشأنه والإشعار بعلة الحكم فإن زيارة البيت المعظم والتقرب بها إلى الله تعالى من موجبات ترك الأمور المذكورة المدنسة لمن قصد السير والسلوك إلى ملك الملوك، وإيثار النفي للمبالغة في النهي والدلالة على أنه حقيقة بأن لا تكون، فإن ما كان منكرا مستقبحا في نفسه منهيا عنه مطلقا فهو للمحرم بأشرف العبادات وأشقها أنكر وأقبح كلبس الحرير في الصلاة وتحسين الصوت بحيث تخرج الحروف عن هيآتها في القرآن، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو الأولين بالرفع حملا لهما على معنى النهي أي: لا يكونن رفث ولا فسوق والثالث - بالفتح - على معنى الإخبار بانتفاء الخلاف في الحج، وذلك أن قريشا كانت تقف بالمشعر الحرام وسائر العرب يقفون بعرفة، وبعد ما أمر الكل بالوقوف في عرفة ارتفع الخلاف فأخبر به، وقرىء بالرفع فيهن ووجهه لا يخفى.
* (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) * بتأويل الأمر معطوف على * (فلا رفث) * أي لا ترفثوا وافعلوا الخيرات - وفيه التفات - وحث على - الخير - عقيب النهي عن الشر ليستبدل به، ولهذا خص متعلق العلم مع أنه تعالى عالم بجميع ما يفعلونه من خير أو شر، والمراد من - العلم - إما ظاهره فيقدر بعد الفعل فيثيب عليه، وإما المجازاة مجازا * (وتزودوا فإن خير الزاد التقواى) * أخرج البخاري وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن حبان والبيهقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن متوكلون، ثم يقدمون فيسألون الناس فنزلت - فالتزود - بمعناه الحقيقي - وهو اتخاذ الطعام للسفر - والتقوى بالمعنى اللغوي - وهو الاتقاء من السؤال - وقيل: معنى الآية اتخذوا التقوى زادكم لمعادكم فإنها خير زاد، فمفعول (تزودوا) محذوف بقرينة خبر إن - وهو التقوى بالمعنى الشرعي - وكان مقتضى الظاهر أن يحمل * (خير الزاد) * على * (التقوى) * فإن المسند إليه والمسند إذا كانا معرفتين يجعل ما هو مطلوب الإثبات مسندا، والمطلوب هنا إثبات خير الزاد للتقوى لكونه دليلا على تزودها إلا أنه أخرج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر للمبالغة لأنه حينئذ يكون المعنى إن الشيء الذي بلغكم أنه خير الزاد وأنتم تطلبون نعته هو التقوى فيفيد اتحاد خير الزاد بها * (واتقون يا أولي الألباب) * أي أخلصوا لي التقوى فإن مقتضى العقل الخالص عن الشوائب ذلك وليس فيه - على هذا - شائبة تكرار مع سابقه لأنه حث على الإخلاص بعد الحث على التقوى.
* (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذآ أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضآلين) * * (ليس عليكم جناج) * أي حرج في * (أن تبتغوا) * أي تطلبوا * (فضلا من ربكم) * أي رزقا منه تعالى بالربح بالتجارة في مواسم الحج، أخرج البخاري وغيره - عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه - قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في الموسم فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم