تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢ - الصفحة ١٢٠
كتابية أو غيرها؛ وأما وطؤها بملك اليمين فيجوز مطلقا.
* (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) * أي لا تزوجوا الكفار من المؤمنات سواء كان الكافر كتابيا أو غيره وسواء كانت - المؤمنة أمة - أو حرة، ف * (تنكحوا) * بضم التاء لا غير، ولا يمكن الفتح - وإلا لوجب - ولا ينكحن المشركين، واستدل بها على اعتبار الولي في النكاح مطلقا وهو خلاف مذهبنا، وفي دلالة الآية على ذلك خفاء لأن المراد النهي عن إيقاع هذا الفعل والتمكين منه، وكل المسلمين أولياء في ذلك.
* (ولعبد مؤمن) * مع ما فيه من ذل المملوكية. * (خير من مشرك) * مع ما ينسب إليه من عز المالكية * (ولو أعجبكم) * بما فيه من دواعي الرغبة * (أول - ائك) * أي المذكورون من المشركين والمشركات * (يدعون إلى النار) * أي الكفر المؤدي إليها إما بالقول أو بالمحبة والمخالطة فلا تليق مناكحتهم، فإن قيل: كما أن الكفار يدعون المؤمنين إلى النار كذلك المؤمنون يدعونهم إلى الجنة بأحد الأمرين، أجيب بأن المقصود من الآية أن المؤمن يجب أن يكون حذرا عما يضره في الآخرة وأن لا يحوم حول حمى ذلك ويجتنب عما فيه الاحتمال مع أن النفس والشيطان يعاونان على ما يؤدي إلى النار، وقد ألفت الطباع في الجاهلية ذلك - قاله بعض المحققين - والجملة الخ معللة لخيرية المؤمنين والمؤمنات من المشركين والمشركات * (والله يدعو) * بواسطة المؤمنين من يقاربهم * (إلى الجنة والمغفرة) * أي إلى الاعتقاد الحق والعمل الصالح الموصلين إليهما وتقديم الجنة على المغفرة مع قولهم: التخلية أولى بالتقديم على التحلية لرعاية مقابلة النار ابتداءا * (بإذنه) * متعلق ب * (يدعو) * أي: يدعو إلى ذلك متلبسا بتوفيقه الذي من جملته إرشاد المؤمنين لمقاربيهم إلى الخير فهم أحقاء بالمواصلة.
* (ويبين آي‍اته للناس لعلهم يتذكرون) * لكي يتعظوا أو يستحضروا معلوماتهم بناءا على أن معرفة الله تعالى مركوزة في العقول، والجملة تذييل للنصح والإرشاد، والواو اعتراضية أو عاطفة، وفصلت الآية السابقة ب * (يتفكرون) * (البقرة: 219) لأنها كانت لبيان الأحكام والمصالح والمنافع والرغبة فيها التي هي محل تصرف العقل والتبيين للمؤمنين فناسب التفكر، وهذه الآية ب * (يتذكرون) * لأنها تذييل للإخبار بالدعوة إلى الجنة والنار التي لا سبيل إلى معرفتها إلا النقل والتبيين لجميع الناس فناسب التذكر.
ومن الناس من قدر في الآية مضافا أي فريق الله أو أولياؤه وهم المؤمنون فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه تشريفا لهم، واعترض بأن الضمير في المعطوف على الخبر لله تعالى فيلزم التفكيك مع عدم الداعي لذلك، وأجيب بأن الداعي كون هذه الجملة معللة للخيرية السابقة ولا يظهر التعليل بدون التقدير، وكذا لا تظهر الملائمة لقوله سبحانه: * (بإذنه) * بدون ذلك فإن تقييد دعوته تعالى (بإذنه) ليس فيه حينئذ كثير فائدة بأي تفسير فسر - الإذن - وأمر التفكيك سهل لأنه بعد إقامة المضاف إليه مقام المضاف للتشريف بجعل فعل الأول فعلا للثاني صورة فتتناسب الضمائر - كما في " الكشف " ولا يخفى ما فيه - وعلى العلات هو أولى مما قيل: إن المراد: والله يدعو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فتجب إجابته بتزويج أوليائه لأنه وإن كان مستدعيا لاتحاد المرجع في الجملتين المتعاطفتين الواقعتين خبرا، لكن يفوت التعليل وحسن المقابلة بينه وبين * (أولئك يدعون إلى النار) * وكذا لطافة التقييد كما لا يخفى.
* (ويس‍الونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النسآء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) * * (ويسئلونك عن المحيض) * أخرج الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم عن أنس رضي الله تعالى عنهم " أن اليهود كانوا إذا
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»