تفسير آيات من القرآن الكريم - محمد بن عبد الوهاب - الصفحة ٩٣
ومنها أن الشبهة إذا كانت واضحة البطلان لا عذر لصاحبها، فإن الخوض معه في إبطالها تضييع للزمان وإتعاب للحيوان، مع أن ذلك لا يردعه عن بدعته، وكان السلف لا يخرجون مع أهل الباطل في رد باطلهم كما عليه المتأخرون، بل يعاقبونهم إن قدروا وإلا أعرضوا عنهم. وقال أحمد لمن أراد أن يرد عليهم: اتق الله ولا تنصب نفسك لهذا، فإن جاءك مسترشدا فأرشده. وهو سبحانه لما قال اللعين: * (أنا خير منه) * قال: * (اخرج منها فإنك رجيم) * ولما قالت الملائكة ما قالت: * (قال إني أعلم ما لا تعلمون) * ثم بين لهم ما بين حتى أذعنوا.
ومنها معرفة قدر الإخلاص عند الله، وحماية لأهله لقول اللعين: * (إلا عبادك منهم المخلصين) * فعرف عدو الله أنه لا سبيل له على أهل الإخلاص.
ومنها أن كشف العورة مستقر قبحه في الفطر والعقول لقوله: * (فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما) * وقد سماه الله فاحشة.
ومنها أنه لا ينبغي للمؤمن أن يغتر بالفجرة، بل يكون على حذر منهم ولو قالوا ما قالوا، خصوصا أولياء الشيطان الذين تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته، فإن اللعين حلف * (إني لكما لمن الناصحين) *.
ومنها أن زخرفة القول قد تخرج الباطل في صورة الحق كما في الحديث ' إن من البيان لسحرا ' فإن اللعين زخرف قوله بأنواع منها تسمية
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»