واجتمع الصحابة يوما في دار يتذاكرون ما من الله عليهم به من بعثه محمد صلى الله عليه وسلم.
ومنها أن التأويل الفاسد في رد النصوص ليس عذرا لصاحبه، كما أنه سبحانه لم يعذر إبليس في شبهته التي أبداها كما لم يعذر من خالف النصوص متأولا مخطئا، بل كان ذلك التأويل زيادة في كفره.
ومنها أن مثل هذا التأويل ليس على أهل الحق أن يناظروا صاحبه، ويبينوا له الحق كما يفعلون مع المخطيء المتأول، بل يبادر إلى عقوبته بالعقوبة التي يستحقها بقدر ذنبه؛ وإلا أعرض عنه إن لم يقدر عليه؛ كما كان السلف الصالح يفعلون هذا وهذا، فإنه سبحانه لما أبدى له إبليس شبهته فعل به ما فعل؛ ولما عتب على الملائكة في قيلهم أبدى لهم شيئا من حكمته وتابوا؛ وقد وقعت هذه الثلاث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي فتح الله فيها مكة، فإنه لما أعطى المؤلفة قلوبهم ووجدت عليه الأنصار عاتبهم واعتذروا وقبل عذرهم؛ وبين لهم شيئا من الحكمة، ولما قال له ذلك الرجل العابد (اعدل) قال له كلاما غليظا؛ واستأذنه بعض الصحابة في قتله ولم ينكر عليه؛ لكن ترك قتله لعذر ذكره، ولما فعل خالد بن الوليد ببني جذيمة ما فعل رد عليهم ما أخذ منهم ووداهم، ولا نعلم أنه عاتب خالدا ولا منعه ذلك من تأميره على الناس.