تفسير آيات من القرآن الكريم - محمد بن عبد الوهاب - الصفحة ١٦
وسنة بعد سنة لعلك أن تعرف ملة أبيك إبراهيم ودين نبيك فتحشر معهما؛ ولا تصد عن الحوض يوم الدين، كما يصد عنه من صد عن طريقهما. ولعلك أن تمر على الصراط يوم القيامة، ولا تزل عنه كما زل عن صراطهما المستقيم في الدنيا من زل، فعليك بإدامة دعاء الفاتحة مع حضور قلب وخوف وتضرع.
وأما قوله: * (إياك نعبد وإياك نستعين) * فالعبادة كمال المحبة وكمال الخضوع، والخوف والذل، وقدم المفعول وهو إياك، وكرر للاهتمام والحصر أي لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا هو كمال الطاعة؛ والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين، فالأول التبرؤ من الشرك، والثاني التبرؤ من الحول والقوة فقوله: * (إياك نعبد) * أي إياك نوحد، ومعناه أنك تعاهد ربك أن لا تشرك به في عبادته أحدا، لا ملكا ولا نبيا ولا غيرهما، كما قال للصحابة: * (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) * فتأمل هذه الآية واعرف ما ذكرت لك في الربوبية، أنها التي نسبت إلى تاج ومحمد بن شمسان؛ فإذا كان الصحابة لو يفعلونها مع الرسل كفروا بعد إسلامهم فكيف بمن فعلها في تاج وأمثاله؟
وقوله: * (وإياك نستعين) * هذا فيه أمران أحدهما سؤال الإعانة من الله وهو التوكل والتبري من الحول والقوة. وأيضا طلب الإعانة من الله كما مر أنها من نصف العبد.
وأما قوله: * (اهدنا الصراط المستقيم) * فهذا هو الدعاء الصريح الذي
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 21 22 ... » »»