مأخوذ من الأول وهو الرجوع لعاقبة الأمر فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد والتفسير إخبار عن دليل المراد لأن اللفظ يكشف عن المراد والكاشف دليل مثاله قوله تعالى * (إن ربك لبالمرصاد) * تفسيره أنه من الرصد يقال رصدته رقبته والمرصاد (مفعال) منه وتأويله التحذير من التهاون بأمر الله والغفلة عن الأهبة والاستعداد للعرض عليه وقواطع الأدلة تقتضي بيان المراد منه على خلاف وضع اللفظ في اللغة 6261 وقال الأصبهاني في تفسيره اعلم أن التفسير في عرف العلماء كشف معاني القرآن وبيان المراد أعم من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره وبحسب المعنى الظاهر وغيره والتأويل أكثره في الجمل والتفسير إما أن يستعمل في غريب الألفاظ نحو البحيرة والسائبة والوصيلة أو في وجيز يتبين بشرح نحو أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وإما في كلام متضمن لقصة لا يمكن تصويره إلا بمعرفتها كقوله * (إنما النسيء زيادة في الكفر) * وقوله * (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها) * وأما التأويل فإنه يستعمل مرة عاما ومرة خاصا نحو الكفر المستعمل تارة في الجحود المطلق وتارة في جحود البارئ عز وجل خاصة والإيمان المستعمل في التصديق المطلق تارة وفي تصديق الحق أخرى وإما في لفظ مشترك بين معان مختلفة نحو لفظ (وجد) المستعمل في الجدة والوجد والوجود 6262 وقال غيره التفسير يتعلق بالرواية والتأويل يتعلق بالدراية 6263 وقال أبو نصر القشيري التفسير مقصور على الاتباع والسماع والاستنباط مما يتعلق بالتأويل 6264 وقال قوم ما وقع مبينا في كتاب الله ومعينا في صحيح السنة سمى تفسيرا لأن معناه قد ظهر ووضح وليس لأحد أن يتعرض إليه باجتهاد ولا غيره بل يحمله على المعنى الذي ورد لا يتعداه والتأويل ما استنبطه العلماء العاملون لمعاني الخطاب الماهرون في الآت العلوم
(٤٦١)