بينه وبين محاور له بأوجز عبارة وأعدل سبك وأعذب ألفاظ ومنه قوله تعالى * (قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) * جمعت هذه القطعة وهي بعض آية ثلاث مراجعات فيها معاني الكلام من الخبر والإستخبار والأمر والنهي والوعد والوعيد بالمنطوق والمفهوم 5114 قلت أحسن من هذا أن يقال جمعت الخبر والطلب والإثبات والنفي والتأكيد والحذف والبشارة والنذارة والوعد والوعيد 42 - النزاهة 5115 هي خلوص ألفاظ الهجاء من الفحش حتى يكون كما قال أبو عمرو بن العلاء وقد سئل عن أحسن الهجاء هو الذي إذا أنشدته العذراء في خدرها لا يقبح عليها ومنه قوله تعالى * (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون) * ثم قال * (أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون) * فإن ألفاظ ذم هؤلاء المخبر عنهم بهذا الخبر أتت منزهة عما يقبح في الهجاء من الفحش وسائر هجاء القرآن كذلك 43 - الإبداع 5116 بالباء الموحدة أن يشتمل الكلام على عدة ضروب من البديع قال ابن أبي الإصبع ولم أر في الكلام مثل قوله تعالى * (يا أرض ابلعي ماءك) * فإن فيها عشرين ضربا من البديع وهي سبع عشرة لفظة وذلك المناسبة التامة في (ابلعي) (وأقلعي) والاستعارة فيهما والطباق بين الأرض والسماء والمجاز في قوله تعالى * (ويا سماء) * فإن الحقيقة يا مطر السماء والإشارة في (وغيض الماء) فإنه عبر به عن معان كثيرة لأن الماء لا يغيض حتى يقلع مطر السماء وتبلع الأرض ما يخرج منها من عيون الماء فينقص الحاصل على وجه الأرض من الماء والإرداف في (واستوت) والتمثيل في (وقضي الأمر) والتعليل فإن (غيض
(٢٥٨)