وذلك; لأنه أبعد من الرياء، فأما دعاء زكريا عليه السلام فإنما كان خفيا لوجهين:
أحدهما: أنه كان ليلا.
والثاني: أنه ذكر في دعائه أحوالا تفتقر إلى الإخفاء; كقوله: * (وإني خفت الموالي من ورائي) *. وهذا مما يكتم انتهى.
و * (وهن العظم) * معناه ضعف، و * (اشتعل) * مستعار للشيب من اشتعال النار.
وقوله: * (ولم أكن بدعائك رب شقيا) * شكر لله - عز وجل - على سالف أياديه عنده، معناه: قد أحسنت إلي فيما سلف، وسعدت بدعائي إياك; فالإنعام يقتضي أن يشفع أوله آخره.
* ت *: وكذا فسر الداوودي، ولفظه: " أكن بدعائك رب شقيا "، يقول: كنت تعرفني الإجابة فيما مضى، وقاله قتادة: انتهى.
وقوله: * (وإني خفت الموالي...) * الآية، قيل: معناه خاف أن يرث الموالي ماله، والموالي: بنو العم، والقرابة.
وقوله * (من ورائي) * أي: من بعدي.
وقالت فرقة: إنما كان مواليه مهملين للدين; فخاف بموته أن يضيع الدين; فطلب وليا يقوم بالدين بعده; حكى هذا القول: الزجاج، وفيه: أنه لا يجوز أن يسأل زكريا من يرث ماله; إذ الأنبياء لا تورث.
قال: * ع *: وهذا يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: " إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا فهو صدقة ". والأظهر الأليق بزكريا عليه السلام أن يريد وراثة العلم والدين، فتكون الوراثة