الأدعياء لآبائهم، أي: إلى آبائهم للصلب، فمن جهل ذلك فيه; كان مولى وأخا في الدين، فقال الناس: زيد بن حارثة وسالم مولى أبي حذيفة، إلى غير ذلك و * (أقسط) *: معناه:
أعدل.
وقوله عز وجل: * (وليس عليكم جناح...) * الآية: رفع الحرج عمن وهم ونسي وأخطأ، فجرى على العادة من نسبة زيد إلى محمد، وغير ذلك: مما يشبهه، وأبقى الجناح في المتعمد، والخطأ مرفوع عن هذه الأمة عقابه; قال صلى الله عليه وسلم: " وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه ". وقال - عليه السلام -: " ما أخشى عليكم الخطأ وإنما أخشى العمد ".
قال السهيلي: ولما نزلت الآية وامتثلها زيد فقال: أنا زيد بن حارثة; جبر الله وحشته وشرفه بأن سماه باسمه في القرآن فقال: * (فلما قضى زيد منها وطرا) * [الأحزاب: 37] ومن ذكره سبحانه باسمه في الذكر الحكيم، حتى صار اسمه قرآنا يتلى في المحاريب، فقد نوه به غاية التنويه، فكان في هذا تأنيس له وعوض من الفخر بأبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم له; ألا ترى إلى قول أبي بن كعب حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى أمرني أن أقرأ عليك سورة كذا، فبكى أبي وقال: أو ذكرت هنالك "، وكان بكاؤه من الفرح حين أخبر أن الله تعالى ذكره; فكيف بمن صار اسمه قرآنا يتلى مخلدا لا يبيد، يتلوه أهل الدنيا إذا قرؤوا القرآن، وأهل الجنة كذلك في الجنان، ثم زاده في الآية غاية الإحسان أن قال: * (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) * [الأحزاب: 37] يعني بالإيمان; فدل على أنه عند الله من أهل الجنان وهذه فضيلة أخرى هي غاية منتهى أمنية الإنسان، انتهى.