وقوله: * (وجعلني من المرسلين) * درجة ثانية للنبوءة، فرب نبي ليس برسول.
وقوله: * (وتلك نعمة تمنها على) * الآية: قال قتادة: هذا من موسى على جهة الإنكار على فرعون كأنه يقول: أو يصح لك أن تعد علي نعمة ترك قتلي من أجل أنك ظلمت بني إسرائيل وقتلتهم؟! أي: ليست بنعمة; لأن الواجب كان ألا تقتلني ولا تقتلهم، ولا تستعبدهم، وقرأ الضحاك: " وتلك نعمة ما لك أن تمنها على " وهذه قراءة تؤيد هذا التأويل، وقال الطبري والسدي: هذا الكلام من موسى عليه السلام علي جهة الإقرار بالنعمة كأنه يقول: نعم، وتربيتك نعمة علي; من حيث عبدت غيري وتركتني، ولكن ذلك لا يدفع رسالتي، ولما لم يجد فرعون حجة رجع إلى معارضة موسى في قوله: * (وما رب العالمين) * واستفهمه استفهاما فقال موسى / هو * (رب السماوات والأرض...) * الآية، فقال فرعون عند ذلك: * (ألا تستمعون) *: على معنى الإغراء والتعجب من شنعة المقالة [إذ] كانت عقيدة القوم; أن فرعون ربهم ومعبودهم، والفراعنة قبله كذلك، فزاده موسى في البيان بقوله: * (ربكم ورب آبائكم الأولين) * فقال فرعون حينئذ على جهة الاستخفاف: * (أن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون) * فزاده موسى في بيان الصفات التي تظهر نقص فرعون، وتبين أنه في غاية البعد عن القدرة عليها، وهي ربوبية المشرق والمغرب، ولم يكن لفرعون إلا ملك مصر، ولما انقطع فرعون في باب الحجة، رجع إلى الاستعلاء والتغلب فقال لموسى: * (لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين) * وفي