فاستظلوا بها، فأمطرت عليهم نارا، وحكى الطبري قال: بعث شعيب إلى أمتين، فكفرتا، فعذبتا بعذابين مختلفين: أهل مدين عذبوا بالصيحة، وأصحاب الأيكة بالظلة.
وقوله: (وإنهما لبإمام مبين): الضمير في " إنهما ": يحتمل أن يعود على مدينة قوم لوط، ومدينة أصحاب الأيكة، ويحتمل أن يعود على لوط وشعيب عليهما السلام، أي:
إنهما على طريق من الله وشرع مبين، و " الإمام "، في كلام العرب: الشئ الذي يهتدي به، ويؤتم به، فقد يكون الطريق، وقد يكون الكتاب، وقد يكون الرجل المقتدى به، ونحو هذا، ومن رأى عود الضمير على المدينتين، قال: " الإمام ": الطريق، وقيل على ذلك الكتاب الذي سبق فيه إهلاكهما، و (أصحاب الحجر): هم ثمود، وقد تقدم قصصهم، و " الحجر ": مدينتهم، وهي ما بين المدينة وتبوك، وقال: (المرسلين)، من حيث يلزم من تكذيب رسول واحد تكذيب الجميع، إذ القول في المعتقدات واحد.
وقوله: (ينحتون من الجبال بيوتا آمنين): " النحت ": النقر بالمعاول، و " آمنين ":
قيل: معناه: من انهدامها، وقيل: من حوادث الدنيا، وقيل: من الموت، لاغترارهم بطول الأعمار، وأصح ما يظهر في ذلك، أنهم كانوا يأمنون عواقب / الآخرة، فكانوا لا يعملون بحسبها.
(وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق)، أي: لم تخلق عبثا ولا سدى، (وإن الساعة لآتية)، أي: فلا تهتم يا محمد بأعمال الكفرة، فإن الله لهم بالمرصاد، وقوله عز وجل، (ولقد آتيناك سبعا من المثاني): ذهب ابن مسعود وغيره إلى أن السبع المثاني هنا هي السبع الطوال: " البقرة "، و " آل عمران "، و " النساء "، و " المائدة "، و " الأنعام "، و " المص "، و " الأنفال " مع " براءة "، وذهب جماعة من الصحابة ومن بعدهم