تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٥٢٠
(وجعلوا لله ما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون (136) وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون (137) وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراءا عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون (138)) وقوله: (وجعلوا لله مما ذرأ)، يعني: مشركي العرب الذين تقدم الرد عليهم من أول السورة، و (ذرأ): معناه: خلق وأنشأ وبث، وسبب نزول هذه الآية أن العرب كانت تجعل من غلاتها وزروعها وثمارها وأنعامها جزءا تسمية لله، وجزءا تسمية لأصنامها، وكانت عادتها التحفي والاهتبال بنصيب الأصنام أكثر منها بنصيب الله، إذ كانوا يعتقدون أن الأصنام بها فقر، وليس ذلك بالله سبحانه، فكانوا إذا جمعوا الزرع، فهبت الريح، فحملت من الذي لله إلى الذي لشركائهم، أقروه، وإذا حملت من الذي لشركائهم إلى الذي لله، ردوه، وإذا لم يصيبوا في نصيب شركائهم شيئا، قالوا: لا بد للآلهة من نفقة، فيجعلون نصيب الله تعالى في ذلك، قال هذا المعنى ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم، أنهم كانوا يفعلون هذا ونحوه من الفعل، وكذلك في الأنعام، كانوا إذا أصابتهم السنة، أكلوا نصيب الله، وتحاموا نصيب شركائهم.
وقوله سبحانه: (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم)، الكثير هنا يراد به من كان يئد من مشركي العرب، والشركاء: ههنا: الشياطين الآمرون بذلك، المزينون له، والحاملون عليه أيضا من بني آدم، ومقصد الآية الذم للوأد والإنحاء على فعلته، و (ليردوهم): معناه: ليهلكوهم من الردى، و (ليلبسوا): معناه: ليخلطوا.
وقوله سبحانه: (ولو شاء الله ما فعلوه) يقتضي أن لا شئ إلا بمشيئة الله
(٥٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة