تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٣٢١
الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما (146) ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما (147)) وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين...) الآية: خطابه سبحانه للمؤمنين يدخل فيه بحكم الظاهر المنافقون المظهرون للإيمان، ففي اللفظ رفق بهم، وهم المراد بقوله سبحانه: (أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا)، لأن هذا التوقيف إنما هو لمن ألم بشئ من الفعل المؤدي إلى هذه الحال، والمؤمنون المخلصون ما ألموا قط بشئ من ذلك، ويقوي هذا المنزع قوله تعالى: (من دون المؤمنين)، أي: والمؤمنون العارفون المخلصون غيب عن هذه الموالاة، وهذا لا يقال للمؤمنين المخلصين، بل المعنى: يا أيها الذين أظهروا الإيمان، والتزموا لوازمه، والسلطان:
الحجة.
ثم أخبر تعالى عن المنافقين، أنهم في الدرك الأسفل من نار جهنم، وذلك لأنهم أسرى غوائل من الكفار، وأشد تمكنا من أذى المسلمين، قلت: وأيضا لأنهم شاهدوا من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وما جعل الله على يديه من الخوارق ما لم يشاهد غيرهم من الكفار، فكانت الحجة عليهم أعظم، وكان كفرهم محض عناد، وروي عن أبي هريرة، وابن مسعود، وغيرهما، أنهم قالوا: المنافقون في الدرك الأسفل من النار، في توابيت من النار تقفل عليهم، ثم استثنى عز وجل التائبين من المنافقين، ومن شروط التائب، أن يصلح في قوله وفعله، ويعتصم بالله، أي: يجعله منعته، وملجأه، ويخلص دينه لله تعالى، وإلا فليس بتائب، وقوله: (فأولئك مع المؤمنين)، أي: في رحمة الله سبحانه، وفي منازل الجنة، ثم وعد سبحانه المؤمنين الأجر العظيم، وهو التخليد في الجنة.
وقال * ص *: (فأولئك): خبره مضمر، والتقدير: فأولئك مؤمنون مع المؤمنين، قاله أبو البقاء. انتهى.
ثم قال سبحانه للمنافقين: (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم...) الآية: أي: أي منفعة له سبحانه في ذلك أو حاجة؟! قال أبو عبد الله اللخمي: زعم الطبري، أن قوله تعالى: (ما يفعل الله بعذابكم): خطاب للمنافقين، ولا يكاد يقوم له على ذلك دليل يقطع
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة