المضي إلى المناجاة، ولم يكن الذين صعقوا ممن اتخذ العجل، لكن الذين اتخذوه كانوا قد جاءتهم البينات.
وقوله سبحانه: (فعفونا عن ذلك)، يعني: بما امتحنهم به من القتل لأنفسهم، ثم وقع العفو عن الباقين منهم.
(فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمن إلا قليلا (155) وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما (156) وقولهم إنا قلتنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا (157)) وقوله سبحانه: (فبما نقضهم): " ما " زائدة مؤكدة، التقدير: فبنقضهم، فالآية مخبرة عن أشياء واقعوها هي ضد ما أمروا به، وحذف جواب هذا الكلام بليغ مبهم متروك مع ذهن السامع، تقديره: لعناهم ونحوه، ثم قال سبحانه: (وبكفرهم): أي: بعيسى، (وقولهم على مريم بهتانا)، هو رميهم إياها بالزنا بعد رؤيتهم الآية في كلام عيسى في المهد، (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم...) الآية: هذه الآية والتي قبلها عدد الله تعالى فيهما أقوال بني إسرائيل، وأفعالهم، على اختلاف الأزمان، وتعاقب القرون، فاجتمع من ذلك توبيخ خلفهم المعاصرين لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهذه الطائفة التي قالت: إنا قتلنا المسيح - غير الذين نقضوا الميثاق في الطور، وغير الذين اتخذوا العجل، وقول بني إسرائيل إنما هو إلى قوله: (عيسى ابن مريم).
وقوله تعالى: (رسول الله)، إنما هو إخبار من الله تعالى بصفة لعيسى، وهي الرسالة، على جهة إظهار ذنب هؤلاء المقرين بالقتل، ولزمهم الذنب، وهم لم يقتلوا عيسى، لأنهم صلبوا ذلك الشخص، على أنه عيسى، وعلى أن عيسى كذاب ليس برسول الله، فلزمهم الذنب من حيث اعتقدوا أن قتلهم وقع في عيسى.
قال * ص *: و (عيسى): بدل أو عطف بيان من (المسيح)، و (رسول الله) كذلك، ويجوز أن يكون صفة ل (عيسى)، وأن يكون نصبا على إضمار أعني.
قلت: وهذا الأخير أحسنها من جهة المعنى. انتهى.
ثم أخبر سبحانه أن بني إسرائيل ما قتلوا عيسى، وما صلبوه، ولكن شبه لهم، واختلفت الرواة في هذه القصة، والذي لا يشك فيه أن عيسى - عليه السلام - كان يسيح في الأرض ويدعو إلى الله، وكانت بنو إسرائيل تطلبه، وملكهم في ذلك الزمان يجعل عليه