تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٣١٨
(الذين يتربصون بكم فإن لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا (141) إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا (142) مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا (143)) وقوله تعالى: (الذين يتربصون بكم...) الآية: هذه صفة المنافقين، و (يتربصون بكم): معناه: ينتظرون دور الدوائر عليكم، فإن كان فتح للمؤمنين، ادعوا فيه النصيب بحكم ما يظهرونه من الإيمان، وإن كان للكافرين نيل من المؤمنين، ادعوا فيه النصيب بحكم ما يبطنونه من موالاة الكفار، وهذا حال المنافقين، و (نستحوذ): معناه: نغلب على أمركم ونحوطكم، ومنه: (استحوذ عليهم الشيطان) [المجادلة: 19]، معناه: غلب على أمرهم، ثم سلى سبحانه المؤمنين، وأنسهم بما وعدهم به في قوله: (فالله يحكم بينكم يوم القيامة)، أي: وبينهم، وينصفكم من جميعهم، وبقوله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)، أي: يوم القيامة، قاله علي (رضي الله عنه)، وعليه جميع أهل التأويل، والسبيل هنا: الحجة والغلبة. قلت: إلا ابن العربي لم يرتض هذا التأويل، قال: وإنما معنى الآية أحد ثلاثة وجوه:
الأول: لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا يمحو به دولة المؤمنين، ويستبيح بيضتهم.
الثاني: لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا إلا أن يتواصوا بالباطل، ولا يتناهوا عن المنكر، ويتباعدوا عن التوبة، فيكون تسليط العدو من قبلهم، وهذا نفيس جدا.
الثالث: لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا بالشرع، فإن وجد ذلك، فبخلاف الشرع، ونزع بهذا علماؤنا، بالاحتجاج على أن الكافر لا يملك العبد المسلم.
انتهى.
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة