((سورة الفيل)) مكية بسم الله الرحمن الرحيم 2 (* (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم فى تضليل * وأرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصف مأكول) *)) 2 الفيل أكبر ما رأيناه من وحوش البر يجلب إلى ملك مصر، ولم تره بالأندلس بلادنا، ويجمع في القلة على أفيال، وفي الكثرة على فيول وفيلة. الأبابيل: الجماعات تجيء شيئا بعد شيء. قال الشاعر:
* كادت تهد من الأصوات راحلتي * إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل * وقال الأعشى:
* طريق وخبار رواء أصوله * عليه أبابيل من الطير تنعب * قال أبو عبيدة والفراء: لا واحد له من لفظه، فيكون مثل عبابيد وبيادير. وقيل: واحده إبول مثل عجول، وقيل: ابيل مثل سكين، وقيل: وذكر الرقاشي، وكان ثقة، أنه سمع في واحده إبالة؛ وحكى الفراء: أبالة مخففا.
* (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم فى تضليل * وأرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصف مأكول) *.
هذه السورة مكية. ولما ذكر فيما قبلها عذاب الكفار في الآخرة، أخبر هنا بعذاب ناس منهم في الدنيا. والظاهر أن الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم)، يذكر نعمته عليه، إذ كان صرف ذلك العدو العظيم عام مولده السعيد عليه السلام، وإرهاصا بنبوته، إذ مجيء تلك الطيور على الوصف المنقول، من خوارق العادات والمعجزات المتقدمة بين أيدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. ومعنى * (ألم تر) *: ألم تعلم قدره على وجود علمه بذلك؟ إذ هو أمر منقول نقل التواتر، فكأنه قيل: قد علمت فعل الله ربك بهؤلاء الذين قصدوا حرمه، ضلل كيدهم وأهلكهم بأضعف جنوده، وهي الطير التي ليست من عادتها أنها تقتل.
وقصة الفيل ذكرها أهل السير والتفسير مطولة ومختصرة، وتطالع في كتبهم. وأصحاب الفيل: أبرهة بن الصباح الحبشي ومن كان معه من جنوده. والظاهر أنه فيل واحد، وهو قول الأكثرين. وقال الضحاك: ثمانية فيلة، وقيل: اثنا عشر فيلا، وقيل: ألف فيل، وهذه أقوال متكاذبة. وكان العسكر ستين ألفا، لم يرجع