تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٥٠٣
((سورة القارعة)) مكية بسم الله الرحمن الرحيم 2 (* (القارعة * ما القارعة * ومآ أدراك ما القارعة * يوم يكون الناس كالفراش المبثوث * وتكون الجبال كالعهن المنفوش * فأما من ثقلت موازينه * فهو فى عيشة راضية * وأما من خفت موازينه * فأمه هاوية * ومآ أدراك ما هيه * نار حامية) *)) 2 الفراش، قال الفراء: هو الهمج الطائر من بعوض وغيره، ومنه الجراد. ويقال: هو أطيش من فراشة. قال: وقد كان أقوام رددت قلوبهم عليهم، وكانوا كالفراش من الجهل. وقيل: فراشة الحلم نفشت الصوف والقطن: فرقت ما كان ملبدا من أجزائه.
* (القارعة * ما القارعة * وما أدراك ما القارعة * يوم يكون الناس كالفراش المبثوث * وتكون الجبال كالعهن المنفوش * فأما من ثقلت موازينه * فهو فى عيشة راضية * وأما من خفت موازينه * فأمه هاوية * وما أدراك * هيه * نار حامية) *.
هذه السورة مكية. ومناسبتها لما قبلها ظاهرة، لأنه ذكر وقت بعثرت القبور، وذلك هو وقت الساعة. وقال الجمهور: * (القارعة) *: القيامة نفسها، لأنها تقرع القلوب بهولها. وقيل: صيحة النفخة في الصور، لأنها تقرع الأسماع وفي ضمن ذلك القلوب. وقال الضحاك: هي النار ذات التغيظ والزفير. وقرأ الجمهور: * (القارعة * ما القارعة) * بالرفع، فما استفهام فيه معنى الاستعظام والتعجب وهو مبتدأ، والقارعة خبره، وتقدم تقرير ذلك في * (الحاقة * ما الحاقة) *. وقيل ذلك في قوله: * (فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة) *. وقال الزجاج: هو تحذير، والعرب تحذر وتغري بالرفع كالنصب، قال الشاعر:
أخو النجدة السلاح السلاح وقرأ عيسى: بالنصب، وتخريجه على أنه منصوب بإضمار فعل، أي اذكروا القارعة، وما زائدة للتوكيد
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»