تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٧ - الصفحة ٥
فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم * فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين * إن فى ذلك لأية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم) *)) ) * الشرذمة: الجمع القليل المحتقر، وشرذمة كل شيء: بقيته الخسيسة: وأنشد أبو عبيدة:
في شراذم البغال وقال آخر:
جاء الشتاء وقميصي أخلاق شراذم يضحك منه وقال الجوهري: الشرذمة: الطائفة من الناس، والقطعة من الشيء، وثوب شراذم: أي قطع. انتهى. وقيل: السفلة من الناس. كبكبه: قلب بعضه على بعض، وحروفه كلها أصول عند جمهور البصريين. وقال الزمخشري: الكبكبة: تكرير الكب، جعل التكرير في اللفظ دليلا على التكرير في المعنى. وقال ابن عطية: كبكب مضاعف من كب، هذا قول الجمهور، وهو الصحيح، لأن معناهما واحد، والتضعيف في الفعل نحو: صر وصرصر. انتهى. وقول الزمخشري وابن عطية هو قول الزجاج، وهو أنه يزعم أن نحو كبكبه مما يفهم المعنى بسقوط ثالثه، هو مما ضوعف فيه الباء. وذهب الكوفيون إلى أن الثالث بدل من مثل الثاني، فكان أصله كبب، فأبدل من الباء الثانية كاف، الحميم: الولي القريب، وحامة الرجل: خاصته. وقال الزمخشري: الحميم من الاحتمام، وهو الاهتمام، وهو الذي يهمه ما أهمك؛ أو من الحامة بمعنى الخاصة، وهو الصديق الخالص.
* (طسم تلك ءايات الكتاب المبين * لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين * إن نشأ ننزل عليهم من السماء ءاية فظلت أعناقهم لها خاضعين * وما يأتيهم من ذكر من الرحمان محدث إلا كانوا عنه معرضين * فقد كذبوا فسيأتيهم أنباؤا ما كانوا به * يستهزءون * أو لم * يروا إلى الارض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم * إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم * وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون * قال رب إنى أخاف أن يكذبون * ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى فأرسل إلى * هارون * ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون * قال كلا فاذهبا بئاياتنا إنا معكم مستمعون * فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين * أن أرسل معنا بنى إسراءيل) *.
هذه السورة كلها مكية في قول الجمهور إلا أربع آيات من: * (والشعراء يتبعهم الغاوون) * إلى آخر السورة، وقاله ابن عباس وعطاء وقتادة. وقال مقاتل: * (أول * لم يكن لهم ءاية) *، الآية مدنية. ومناسبة أولها الآخر ما قبلها أنه قال تعالى: * (فقد كذبتم فسوف يكون لزاما) * كذر تلهف رسول الله صلى الله عليه وسلم) على كونهم لم يؤمنوا، وكونهم كذبوا بالحق، لما جاءهم. ولما أوعدهم في آخر السورة بقوله: * (فسوف يكون لزاما) *، أوعدهم في أول هذه فقال في إثر إخباره بتكذيبهم فسوف يأتيهم * (أنباء ما كانوا به يستهزءون) *. وتلك إشارة إلى آيات السورة، أو آيات القرآن. وأمال فتحة الطاء حمزة والكسائي، وأبو بكر وباقي السبعة: بالفتح؛ وحمزة بإظهار نون سين، وباقي السبعة بإدغامها؛ وعيسى بكسر الميم من طسم هنا وفي القصص، وجاء كذلك عن نافع. وفي مصحف عبد الله ط س م مقطوع، وهي قراءة أبي جعفر. وتكلموا على هذه الحروف بما يشبه اللغز والأحاجي، فتركت نقهل، إذ لا دليل على
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»