المتهور. ونظر أبو جعفر المنصور إلى أبي عمرو بن عبيد فقال: كلكم يمشي رويدا، كلكم يطلب صيدا، غير عمرو بن عبيد. وقال ابن مسعود: كانوا ينهون عن خبب اليهود ودبيب النصارى، ولكن مشيا بين ذلك. وقيل: معناه: اجعل بصرك موضع قدمك. وقرئ: وأقصد، بهمزة القطع: أي سدد في مشيك؛ من أقصده الرامي إذا سدد سهمه نحو الرمية، ونسبها ابن خالويه للحجاز. والغض من الصوت: التنقيص من رفعه وجهارته، والغض: رد طموح الشيء، كالصوت والنظر والزمام. وكانت العرب تفتخر بجهارة الصوت، وتمدح به في الجاهلية، ومنه قول الشاعر:
* جهير الكلام جهير العطاس * جهير الرواء جهير النعيم * * ويخطو على الأين خطو الظليم * ويعلو الرجال بخلق عميم * وغض الصوت أوفر للمتكلم، وأبسط لنفس السامع وفهمه. وأنكر: أفعل، إن بنى من فعل المفعول، كقولهم: أشغل من ذات النحيين؛ وبناؤه من ذلك شاذ. والأصوات: أصوات الحيوان كلها. وأنكر جماعة للمذام اللاحقة للأصوات، والحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة. شبه الرافعون أصواتهم بالحمير، وأصواتهم بالنهاق، ولم يؤت بأداة التشبيه، بل أخرج مخرج الاستعارة، وهذه أقصى مبالغة في الذم والتنفير عن رفع الصوت. ولما كان صوت الحمير متماثلا في نفسه، لا يكاد يختلف في الفظاعة، أفرد لأنه في الأصل مصدر. وأما أصوات الحمير فغير مختلفة جدا، جمعت في قوله: * (إن أنكر الاصوات) *، فالمعنى: أنكر أصوات الحمير، بالجمع بغير لام. وقال الحسن: كان المشركون يتفاخرون برفع الأصوات، فرد عليهم بأنه لو كان خيرا، فضل به الحمير. والظاهر أن قوله: * (إن أنكر الاصوات لصوت الحمير) * من كلام لقمان لابنه، تنفير له عن رفع الصوت، ومماثلة الحمير في ذلك. قيل: هو من كلام الله تعالى، وفرغت وصية لقمان في قوله: * (واغضض من صوتك) * ردا لله به على المشركين الذين كانوا يتفاخرون بجهارة الصوت، ورفع الصوت يؤذي السامع ويقرع الصماخ بقوة، وربما يخرج الغشاء الذي هو داخل الأذن. وقيل: * (واقصد فى مشيك) *: إشارة إلى الأفعال، * (واغضض من صوتك) *: إشارة إلى الأقوال، فنبه على التوسط في الأفعال، وعلى الإقلال من فضول الكلام.
* (ألم تروا أن الله سخر لكم ما فى * السماوات وما في الارض * وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير * وإذا (سقط: وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل إلى آخر الآية)) *.